السبت، ١٩ رجب ١٤٣٣ هـ

سَفَر .. بلا « تنقيط !!»


بما أننا على مشارف الإجازة الصيفية وبما أن الإجازة تعني بالنسبة للسواد الأعظم رفع الستار لاستئناف مهرجان السفر وتحديدا خارج ربوع الوطن فلا ضير.. إذ ليس بوسعنا إلا احترام تلك الثقافة التي باتت بالنسبة للبعض حياة أو موتا، فما يهمنا في الراهن لجم ودحر بعض السلوكيات التي أضحت ثقافة هي الأخرى لجهة البعض (كالتنقيط) وهو ما جعلني استدعي مقطع فيديو آلمني واستفزني انتشر في مواقع «الانترنت» و «اليوتيوب» منذ قرابة سنتين بطله رجل خليجي يجلس بجوار أو تجلس بجواره (لا فرق !) مغنية في ملهى ليلي وخلال مدة العرض التي فاقت 10 دقائق لم ينفك الرجل عن (التنقيط) بشكل هستيري، وتساءل في حينه كل من استفزه المقطع: هل هو من رجال الأعمال أم شخص عادي ؟. واستطردوا.. إن كان مواطنا عاديا فمن أين أتى بهذه الأموال؟. أقول: إن هذا السلوك بمجمله لا يخرج عن إطار الأنماط الآتية:
• فإما أن يكون ثريا (لم يشق قيد أنملة لامتلاك تلك الأموال) وإلا لما أخذ يبددها بهذا الفرط واللامبالاة.
• وإما أن يكون موظفا عاديا لكنه استلب أو لنقل (نهب) هذه الأموال بطرق غير مشروعة وضيعها من منطلق ما جاء بالحرام يذهب بمثله.
• أو يكون مواطنا بسيطا يقترض من البنوك وغيرها فقط للتباهي الخادع والتورم الزائف.
بالمطلق فإن جميع هؤلاء يسيؤون لبلدهم ومجتمعهم فهم في أول المطاف وآخره يمثلون أوطانهم وهذا يؤكد أكثر ما يؤكد أن ما يقترفونه من سلوكيات تنأى عنها أبجديات الحرية الشخصية بوصفه سلوكا وضيعا يستفز ويخدش الجميع فهو هدر وتبديد عدمي للأموال بطرق غير مشروعة وبالعلن الفاضح وبكلمة (تبجح بالرذائل).. نقول للأول رجل الأعمال الجهبذ! : إن أقل القليل مما تمطره على الراقصات والغواني يسع الكثير من أبناء جلدتك فيسد رمق من عاثت بهم الفاقة وأعياهم العوز.. هذه مجرد توصية يجدر المبادرة بها طواعية كل من أوتي رزقا وفيرا وفي حال تماديهم وإمعانهم بالفسق جهارا ( أبوا إلا أن يتوحلوا في هذا المستنقع الآسن) لا بد من منعهم بالقوة.. أما الموظف العادي الذي يتمظهر في تلك الأماكن بأنه (فوق العادة) فلا بد من سؤاله: كيف تحصل على تلك الأموال؟، وتلك نحسبها فرصة لاقتناص متعاطيي الرشى وأرباب الفساد بتضاعيفه.. أما الثالث (المديون) فمؤكد أنه يحتاج لتأهيل وعلاج نفسي عاجل.. مغزى القول إن تلك الأماكن كالملاهي الليلية وما شابهها وإن كانت موبوءة فهي ترشدنا إلى حيث من يحتاجون لترشيد سلوكياتهم وعقلنتها بل (وأموالهم) أو تأديبهم إذا لزم الأمر.. وآخرون (الموظفون) يحقق معهم على قاعدة من أين لك هذا ؟، وفئة لا بأس بها يتعين احتواؤهم من مغبة المرض وتداعياته.. لاريب في أن هذه آلية لو طبقت فسوف تردع مثل هؤلاء الذين لم يفكروا في سمعة بلدهم وراهنوا عليه بملذات زائفة ونزوات رخيصة، فما يدرينا فقد يستدرك رجل الأعمال بمقتضى آلية الردع ويصحو من غفلته ويحول صنبور التنقيط لناحية المحتاجين من أبناء وطنه.. وفي السياق من غير المستبعد أن يتيقظ ضمير (المرتشي) ومن على شاكلته ويندم على سوء عمله، واستطرادا لن يكون هناك مبرر للاستدانة وتحمل القروض من أجل التنقيط طالما عزف عنها من استحوذوا الأموال!.. نتمنى أن يسن نظام حازم وصارم تدشن باكورته خلال هذا الصيف..
خير ما أختم به وأتِم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا. فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبينِ: قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا. لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه... ). فيجب رفض الفساد ومحاربته قبل أن يتحول لثقافة وممارسة طبيعية.. ولات حين مندم.

وادي حنيفة أنموذج


لم يعد دور الأمانات مقتصرا على تقديم الخدمات التقليدية فضلا عن نظافة البيئة وغيرها التي باتت مسلمات ومعطيات بدهية لا ترقى لجسامة مسؤولية الأمانات المبتغاة بمقتضى المتغيرات وإفرازات التحضر وتداعياته التي لاريب تلقي بظلالها وتمخضاتها على (سيكيولوجية) الأفراد والتي تتطلب من جملة ما تتطلب جرعات ترفيهية (مستدامة) تماهي أمزجة ورغبات شتى شرائح أفراد المجتمع وقد تفردت أمانة منطقة الرياض بهذا الجانب الترويحي إن على صعيد الفعاليات التي باتت مشاعة على مدار العام أو لجهة إقامة المتنزهات والحدائق ومضامير المشاة والمسارح وغيرها.. وها هي قد كرست مفهوم البيئة الطبيعية المستدامة بتدشينها مشروع وادي حنيفة الذي يعد من أضخم المشاريع والذي ساهمت فيه العديد من الجهات الحكومية وعلى رأسها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وقد حاز هذا (الأنموذج) على العديد من الجوائز العالمية الرفيعة كجائزة الأغا خان العالمية للعمارة وجائزة مركز المياه بواشنطن وغيرها.
جدير بالذكر أن إيجاد آلية التكافل بين الإنسان والموارد الطبيعية يستنبت العديد من التجليات الترفيهية خصوصا إذا ما علمنا أن الإنسان بطبعه يتوق للرفاهية الطبيعية أو ما يعرف (باستدامة تشييىء الموارد الطبيعية وأقنمتها) فتهذيب وادي حنيفة أو كورنيش الرياض كما يروق للبعض تسميته واستزراع الأراضي على ممرات المشاة وبناء العديد من أطرافه وتشييد المطلات أو (الشرفات)، إن صحة التسمية ساهمت في خلق بيئة ترفيهية متناغمة ومتكاملة، وقد أصبح أحد أهم المعالم ومقصدا لكثير من سكان المدينة بل ويستقطب العديد من أفراد مناطق المملكة وهذا يعني فيما يعني أنه مشروع يصب لجهة تنشيط السياحة بالمجمل، وفي الإطار تجدر الإشارة إلى أن من أهم تجليات هذا المشروع احتواء زخات الأمطار وتوظيفها في أغراض تصب في ذات المنحى.
نتطلع لإقامة مزيد من تلك المشاريع والكلام موجه لكافة أمانات المملكة وبلدياتها فوطننا المترامي يزخر بالكثير من الموارد الطبيعية التي تحتاج من يلتفت إليها أو (يأتلف) معها إن صح التعبير ويشذبها.
وأزعم أن جميع الجهات الحكومية ورجال الأعمال لن يتوانوا في تقديم المساندة لإدراكهم اليقيني أن تلك المعطيات الترفيهية تضفي عليهم بهجة وإطلالة جمالية ورفاهية مستدامة، وليكن وادي حنيفة أنموذجا معطوفا وباكورة انطلاقة تدشين العديد من المشاريع الترويحية في شتى بقاع المملكة.. عندها نكون قد دلفنا إلى مستهل طريق التنمية المستدامة.

طلاق من أجل الغطاء!!


نفهم أن بخل الزوج (المفرط) لجهة الزوجة قد يدفعها بطلب الطلاق ونقدر أيضا للزوجة إن هي طلبت الانعتاق من الزوج (لرعونته) وسوء أخلاقه! كما نتفهم ذات الغرض في حال أن الزوج عنف زوجته .. لكن ما لا نتفهمه ويستعصى استيعابه وتبريره أن الزوجة تطلب الطلاق (وتتطلق فعلا) لأن زوجها رفض كشف وجهها! المفارقة الأغرب وتستدعي الحزن أن تضحي بأبنائها مقابل ذلك .. تعالوا نقرأ الرسالة كاملة بتفاصيلها إلا من بعض (التنقيح) .. وهبني الله جمالا أخاذا لكنه تحول إلى نقمة لم أزل أتجرع تبعاته والسبب غلوائي (وتبجحي) بجمالي كان كل هاجسي وغايتي أن الجميع يرى جمالي .. غاية الأمر تزوجت (رجلا) بكل ما تعنيه الكلمة دمث الأخلاق حسن المظهر أنيس المعشر كريم .. كان لا يرد لي طلبا أنجبت منه طفلين كنا نسافر ثلاث مرات في السنة كان يوافق وإن على مضض بأن أكشف وجهي (أتحجب) مع بعض التحفظات وفي أوقات وأماكن معينة (خارج المملكة) كنت استشعر امتعاضه لكنه كان يتحامل على نفسه إرضاء لرغبتي على اعتبار أنه سلوك مؤقت لكنني تماديت ولا أخفيك بتحريض من بعض الصديقات إذ كن يتندرن باستهجان لعدم إظهار جمالي الأمر الذي زاد من إلحاحي على زوجي للموافقة على كشف وجهي في الأماكن العامة كان يرفض ومازلت أتذكر سؤاله الذي ينم عن حكمته واستقامة تفكيره ... لماذا تريدين أن تظهري جمالك ويشاع للناس .. ما الغاية؟ ألا يكفيك أن زوجك يقدره ويثمنه؟ يشهد الله أنه كان يثمنه ويقدره خير تقدير ... لكن! أصررت على طلبي لدرجة أنني قلت لا أريدك وأكرهك فإما الموافقة على طلبي أو الطلاق توقعت أن ينساق ويذعن لطلبي لكنه قرر طلاقي لا ألومه فقد آلمه أن استرخصه من أجل رفع غطاء الوجه! فالمساومة كانت مخذلة ومهينة تحقق ما أردته وها أنا أصبحت حرة أتباهى بجمالي (جهاراً نهاراً) في الأسواق والأماكن العامة ماذا جنيت!؟ لقد أشبعت غروري بجمالي فانطبق علي القول القديم «خلا لك الجو فبيضي واصفري وانقري ما شئت أن تنقري» ..
فهذا يعاكس وذاك (يبحلق) وآخر (يتحرش!) شعرت حينها أنني أشبه (بالمها) التي تطاردها الذئاب والوحوش من كل حدب وصوب بينما كنت آمنة مكنونة في عرين زوج (يستأسد) لحمايتي ويغار علي.
مضى على طلاقي ثلاث سنوات ولم يتقدم أحد لزواجي فماذا يريدون من امرأة فرطت بزوجها وأولادها من أجل التباهي بجمالها .. أرجو من كل زوجة ألا تفرط بزوجها من أجل أمور رخيصة (تافهة) الآن أيقنت بعد فوات الأوان أن جمال المرأة وتأنقها يجب أن يسخر بالمطلق للزوج فقط! كما أيقنت أن المرأة بلا زوج يحميها ويصونها ويقدرها لا تساوي شيئا مهما ملكت من جمال ومن هذا المنبر أوجه نداء بل صرخة (تزخر) بالندم والحسرة لطليقي والد أبنائي الذي لم يقصر علي بشيء .. لقد خسرتك من أجل التبجح بالجمال والافتتان بإعجاب الآخرين ويا لها من مراهنة مبتذلة وسخيفة! عزائي الوحيد بألا تقع أي زوجة أو بنت (لم تتزوج بعد) بما وقعت به لعل ذلك يشفع لي باقتراني بزوجي من جديد ..
انتهى: أقول رغم ما حصل أزعم أنها محظوظة لأنها استفاقت واستدركت وإن متأخرا لكن خيرا من أن تنساق وتنجرف لمآلات ودروب مظلمة لا يعرف عقباها فالجمال نعمة لكن إذا لم يؤطر بالحشمة ويوظف بالحكمة بات نقمة.

سلوكيات مغلوطة !؟


لماذا لا تكتب عن ظاهرة البويات؟ فهن شاذات ويجب ردعهن.. استفزني هذا الصديق للكتابة عنهن.. فما يجب أن نعرفه جميعا أن أغلبهن صحيحات من الناحية الفسيولوجية والنفسية فضلا عن كونهن يمتلكن أنوثة قد تطغى على وصيفاتهن، كل ما في الأمر أنهن ترعرعن في بيئة طاردة إن على الصعيد الأسري أو المجتمعي والأرجح الاثنان معا. وبكلمة أوضح هو (تمرد) على المناخ والبيئة وما يتمخض عنهما من تداعيات جعلهن يستبدلن جلبابا يخرجهن أو يجعلهن أكثر تكيفا أو قل يخفف عنهن وطأة ما يشعرن به من انتقاص ودونية كأقل تقدير..
بعض الأمثلة، هناك أسر للأسف الشديد يزدرون الأنثى فتتربى البنت على المهانة والنظرة الدونية منذ نعومة أظفارها وعندما تصل لمرحلة المراهقة وتستشعر أن سبب ازدرائها هو (أنوثتها) تبدأ بالتمرد تدريجيا.. فتتخلى عن أنوثتها وإن ظاهريا.
مثال آخر، ثمة أسر جل أبنائهم من الذكور ماعدى أنثى واحدة ولغياب وعي وثقافة الأبوين يعاملون جميع الأبناء معاملة الذكور بما فيهم الأنثى، وشيئا فشيئا تتطبع البنت بسمات وسلوكيات إخوانها الذكور فتجد نفسها دون رغبة منها أو إرادة تشكلت بما يشبه الرجل.. مثال آخر: بعض الأسر قدر لها عدم وجود عائل (ذكوري) فتواجه صعوبات جمة في تسيير دفة أمورها هذه المعاناة وبشكل لا شعوري تنعكس على بنات هذه الأسرة فيتمردن على واقعهن المجتمعي هذه المرة فينتزعن مقومات أنوثتهن ويستبدلنها بمقومات الرجولة ليتسنى لهن الانخراط في معترك الحياة لتلبية حاجاتهن.. دون الحديث عن النظرة القاصرة للمرأة التي تشبعن بها من فئة كبيرة من المجتمع، هذا بطبيعة الحال رب قائل أو قائلة حسب مشاهدتهم ومراقبة سلوك البويات لاحظوا أن الكثير منهن يسلكن هذا السلوك لغرض لفت الانتباه ليس إلا.. أقول إن ذلك يصب في ذات المنحى لأن محاولة لفت الانتباه سببه الشعور العارم بالنقص وبمقتضاه يصبح من الأهمية بمكان، تغيير النظرة للمرأة بوجه عام وأقله عدم وصفها بما يجرح إنسانيتها قبل أنوثتها، بالمناسبة أي تهكم عليهن أو تندر هو في أول المطاف وآخره ازدراء للأسر بل للمجتمع بعمومه لأن (البويات) ضحايا إهمال وسلوكيات عدمية فلنغير نظراتنا وتوجهنا بما يتزامن ويتماهى ومتغيرات العصر ليعدن إلى كنف وأحضان أسرهن ومجتمعهن إناثا لطيفات كما خلقن ليبادرن بمشاركة أشقائهن الرجال في خدمة الوطن..
بقي أن نقول للذين لا يزالون يشككون في قدرات المرأة ويتكالبون على مصادرة حقوقها متى سنحت لهم الفرصة بذرائع واهية ومن وحي عادات بالية فهم ينسحب عليهم قول ابن خلدون «اتباع التقاليد» (على عواهنها) لا يعني أن الأموات أحياء بل الأحياء أموات.