الأحد، ١٤ صفر ١٤٣٣ هـ

زوجة «بريال !!»

نحن من أسرة ميسورة جدا كلنا بنات وعددنا خمس، وهذا ما جعل والدنا يتوجس خيفة أن يفوت قطار زواجنا سريعا. فكان هاجسه الأكبر 
(العنوسة)، ومن فرط قلقه أعلن صراحة لجماعتنا والمقربين لدينا بأن مهرنا ريال واحد فقط.. على أن يتكفل والدي بكافة مستلزمات الزواج. المهم أن يفتح المجال لأكبر عدد وبأسرع وقت للتقدم لخطبتنا، فكان له ذلك فخلال يومين فقط من إعلان قيمة المهر المغري تقدم لأختي الكبرى ثلاثة شباب، وافق والدي على أحدهم مبدئيا، وبعد السؤال عنه تبين أنه جدير بالزواج، وبالفعل تم الزواج واستبشرنا خيرا وأيقنا أن رخص المهر هو الدافع الأكبر لتهافت الشباب على الزواج. وخصوصا محدودي الدخل.. فوجئنا بعد أقل من أسبوع بعودة أختنا يملؤها الحزن والخيبة، حاولنا أنا وأخواتي التعرف على سبب بؤسها فلم نفلح إذ كانت تلوذ بصمت مطبق، وبعد ساعة تقريبا إذا بها تنفجر بكاء وتردد بحرقة والدي أرخصني، العنوسة أرحم من أن أهان وأذل من رجل أصلا لا يستحق أن أكون زوجة له، سألناها بصوت واحد ماذا حصل؟ بعد تنهيدة مشبعة بالانكسار والهوان قالت: كان يعاملني بدونية واستخفاف لا لخطأ أو تقصير بدر مني، فقط لأني رخيصة (تقصد قياسا على مهرها). لأنه من فئة الذين يثمنون الأشخاص وفق التسعيرة أي كلما زاد مهر البنت زاد تقديرها واحترامها بل التشبث بها ربما ووالدنا سامحه الله أرخص قيمتنا من حيث لا يدري وعن غير قصد. 
حاولنا التخفيف عنها وإخراجها من محنتها بأنه أي زوجها ربما يحس بخطئه وسوء تصرفه لكنها رفضت الرجوع له مهما كلفها الأمر. المثير للاستغراب أنها تملك جمالا أخاذا وأناقة طاغية، فضلا عن كياسة خلقها، ومع ذلك فرط بها وبالفعل يبدو أن الإشكالية في المهر. أخبرنا الوالد وغضب غضبا شديدا وتملكه شعور عارم بالذنب كونه زوجها لشخص فسر رخص المهر على أنه نقيصة (وبوار) وليس رغبة حانية من أب يود التسريع بزواج بناته والاطمئنان عليهن. المهم مكثت أختنا قرابة شهر دون أن يكلف نفسه حتى بالاتصال وهذا ما أكد لنا بما لا يدع مجالا للشك بأنه استرخصها فعلا.. طفح كيل حنق وسخط والدنا فاستدعاه ووبخه على فعلته لكن ودون أن يرف له جفن قال لوالدي وبشيء من الغطرسة.. ما المطلوب ؟ وعاجله والدي بعد أن كظم غيظه الطلاق ولا شيء غيره فلم يتردد وطلقها بدم بارد انتهت الرسالة..
بالطبع لست مع غلاء المهور أيا كانت المبررات لكني في الآن نفسه ضد أن يكون المهر بهذا الزهد ليس كرها (معاذ الله) بتيسـير زواج محدودي الدخل بل خوفا وإن شئنا تحرزا من أن يفسر على غير ما ينطوي عليه المقصد.. كنت أتمنى أن تكمل المرسلة بقية القصة أي التداعيات وهل بقي المهر على ما هو (ريال) أم زاد وإذا زاد ما هو مصير التي تطلقت بسبب بخس مهرها؟ عموما موقف الأب وبناته لا يحسدون عليه.. نتمنى أن يلهمهم الله السبيل للخروج من هذا المأزق. بقي أن نقول لا للغلواء في المهور، فبقدر ما ارتفاعها يطرد الشباب وينفرهم من الزواج، بقدر ما المبالغة بالبخس أيضا منفرة إنما لناحية الزوجة هذه المرة والحل يكمن في الاعتدال والوسطية فلا ضرر ولا ضرار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق