الأربعاء، ٩ مايو ٢٠١٢

«علّل» .. يا مدير؟!

ما لا يعرفه الكثيرون أن التعسف الإداري لا يقتصر على نقل الموظف (دون وجه حق) أو طي قيده دونما أسباب جوهرية وفي السياق لا يقتصر على إيقاف العلاوة السنوية أو ربما توبيخ وتقريع الموظف على مرأى من زملائه، فثمة أمر غاية في الأهمية قد لا يقل تعسفا على ما ذكر أعلاه وربما يفقه ضررا وخيبة، وهو تعنت المدير بعدم إبداء الأسباب لجهة طلبات واستحقاقات موظفيه (المكتسبة) وبكلمة أوضح عدم إقران الحجج ومبررات الرفض فكثيرا ما يرفض المدير طلب موظف يريد إجازة قد لا تتجاوز يوما واحدا دون أن يوضح الأسباب، خصوصا إذا كان هذا الموظف مستحقا أي لديه رصيد ويفاجأ بالرفض من قبل سكرتير المدير أو الموظف المختص .. لاحظوا أن الأمر بسيط أي بإمكان الموظف تمريره لكن لأن المدير لم (يعلل) سبب الرفض يزيد من استيـاء الموظف ويعتـبر في العرف الإداري (تعسفا) لأنه أخذ منحى (شخصاني) أو هكذا يفسر!.
نتفهم جيدا أن يكون لدى المدير أسباب ومبررات وجيهة لكن كونه لم يوضحها للموظف فقد يلحق ضررا معنويا ربما يجره لأمور تنعكس سلبا على مجريات عمله وربما تصل لتسيبه، فالإشكالية هنا لا تكمن برفض الإجازة أو الدورة التدريبية وغيرها من مستحقات بل في عدم تبيان أسباب الرفض، فالأجدر بالمدير ألا يتجاهل هذا الأمر ويضعه في إطار أولويات مقومات الإدارة الناجحة لا بل من مسلماتها إن صح التعبير ... جدير بالذكر، إن تجاهل أو إغفال المدير لتعليل أسباب الرفض لا يخرج عن إطار التذرع بأنه صاحب الصلاحية وله الحق في رفض طلب الموظف .. أقول نعم لك الحق والصلاحية على أن يكون (الرفض) مقرونا ومشفوعا بالأسباب والمسوغات من دون ذلك يعتبر قرارا تعسفيا من الدرجة الأولى، أما إذا كان المدير يتحجج بكثرة مشاغله ويكفيه عناء أن يخط بقلمه بالرفض فأقول له إن من أهم المشاغل (المفترضة) هو تلبية طلبات موظفيك وأقله مراعاة حقوقهم المعنوية فكونك تستكثر عليهم إبداء أسباب الرفض فذاك قمة التجاهل والاستهانة وإن شئت (الاستنكاف) .. أما إذا كان المدير يعتقد أن الاكتفاء بالرفض دلالة أو مؤشر على قوة شخصيته فأقول له أنت واهم فالعكس هو الصحيح فمن أهم مقومات وركائز قوة الشخصية هو مواجهة الموظف بشكل مباشر وإقناعه بأريحية بأسباب رفض طلبه أما إيكال ذلك للسكرتير أو الموظف المختص فهو توارٍ لا ينم إلا على الضعف أو قلة الحيلة .. رب قائل ما دور السكرتير أو الموظف المختص بشؤون الموظفين نقول إنه في حال الموافقة على الطلب لا ضير من إحالتها لهؤلاء لاستيفاء اللازم لكن في حال الرفض لا مناص من مواجهة الموظف لإزالة أي لبس أو تفسير خاطئ قد يخلق فجوة أو لنقل (جفوة) بين الموظف ومديره بينما لا يستغرق الأمر دقائق معدودة وكلمات محدودة تذيب جليد الاستياء وتداعيات رفض طلب الموظف.

الفضائيات المفلسة


يبدو أن الفضائيات أو إن شئت جلها حتى لا نقع في (شرك) التعميم قد أفلست بدليل أنها تستضيف من (هب ودب) لسد الفراغ فطغى الخواء وهيمنت السفاسف على موادها وليت الأمر يتوقف عند ذلك الحد أي (الخواء) وعقم المعلومة لهان الأمر بوجود (الروموت) لكن الخطورة فيما تستقطبه بعض القنوات من المحسوبين لجهة الفكر والثقافة وهم في حقيقة الأمر على العكس من ذلك فيزودون المتلقي أو قل (يسممون) فكره بمعلومات مغلوطة خصوصا إذا ما كانت المعلومات والمفاهيم تتعلق بالجوانب التربوية والقيمية بوصفها فضفاضة وغير ذات سقف لذا باتت مجالا خصبا للإبحار والسفسطة دونما وازع أو حتى رادع يكمم أفواه هؤلاء الذين أصبح همهم الأكبر الشهرة ومزيدا من اللقاءات والاستضافات الفضائية حتى لو كان على حساب بتر المعلومة أو تسويفها. مناسبة هذه المقدمة.. كنت شاهدت على إحدى القنوات الفضائية استضافة لأحد التربويين كان محور الحديث تجليات التربية القويمة المعاصرة فصال وجال وتخبط في أمور هي أدعى لتمرد النشء كي لا نقول انحرافهم عن جادة الاستقامة ومن جملة ما قاله هذا الجهبذ التربوي أن الأسرة يجب أن تكرس في أبنائها العصيان لأن الطاعة المفرطة للآباء (مرضية) حسب زعمه فيجب أن نفرح إذا تمرد الابن وقال لأبيه أو أمه (لا). فهذا دليل على سعة مداركه وقوة شخصيته!، وبهذا المعنى ربط بين التمرد وقوة الشخصية!.. لكم أن تتخيلوا مدى وقع هذه المعلومات الهدامة على الأسر إذا ما استلهمتها كمسلمات وأسس تربوية. واقع الحال لا أدري إن كانت تلك ( الحقن الملوثة ) هي خلاصة حصيلته العلمية أم مغالطات متعمدة على غرار خالف تعرف بغية تسابق القنوات على شخصه، ولا غرابة فخاصية التميز والسبق في معايير بعض القنوات ليس في الإجادة بالطرح والمعلومة الضافية بل في غرابته وربما شذوذه إن جاز الوصف.. لا أعتب على هؤلاء الجهابذة وقباطنة الفكر كما يسمون أنفسهم بل عتبي على الفضائيات التي تستضيفهم وتدفع لهم ثمن ترهاتهم وسمومهم.. عموما لا بد من إيضاح المعلومة أو قل تصويبها إن صح التعبير كي لا تؤخذ على علاتها وعواهنها لناحية من أنصت لذلك الضيف بقطع النظر إن كان قالها عن جهل أو استخفافا بعقلية المشاهد أو لغرض كسب مزيد من الشهرة على قاعدة إثارة الجدل..
التصحيح كالآتي.. كرس في أبنائك أن يقولوا لماذا ؟ لأن التساؤل (وليس العصيان والتمرد) يفتح آفاق التفكير في التعرف على إيجابيات وسلبيات الأوامر والنواهي كما تنمي فيهم أطر الحوار ولغة التخاطب.. لمن أراد المزيد فعليه الرجوع للمقال بعنوان ( لماذا ؟ بتاريخ 10/05/2009 م).

الخميس، ٣ مايو ٢٠١٢

بفلوسي ..؟!



«الفلوس تغير النفوس» لم أستشعر قط الدلالات الموجعة لهذه المقولة وربما لم يدر بخلدي يوماً مدى وقعها المؤلم والمهين!! إلا بعد أن اكتويت بلهيبها وممن؟ من أقرب المقربين (زوجتي أم أولادي) .. إليك القصة:
لقد تزوجت امرأة كانت بالنسبة لي حلماً لدماثة خلقها ورجاحة تفكيرها أمضينا قرابة خمس سنوات نتبادل أسارير السعادة ونتنافس على إرضاء بعضنا ومن هذا المنطلق كالبت سعياً لتحقيق رغبتها في العمل حيث كانت تلح عليَّ لدواعي مساعدتي في أمور ومتطلبات المعيشة (هكذا كان هدفها) علماً أنني لم أشك لها الحال وراتبي يغطي المصروفات ويزيد رضخت لرغبتها أملاً بإسعادها شريطة أن يكون راتبها لها المهم أن توفق بين عملها وأمور المنزل أي لا يكون على حساب الأولاد وأبدت استعدادها المطلق وخلال ثلاثة أشهر من التعب والمعاناة تحققت رغبتها فتعينت بوظيفة مناسبة وبمجرد استلامها لأول راتب تغيرت (جذريا) فتلك الزوجة الوديعة (تنمرت) واستشرست فقلت في قرارة نفسي لعلها فترة بسيطة وترجع لسيرتها الأولى خصوصاً إذا تأكدت أنني لن أتجاسر على راتبها علماً أنها متأكدة وتعلم جيداً أنني أربأ عن فعل ذلك بل أنا ممن ينتقدون الأزواج الذين يطمعون برواتب زوجاتهم وإمعاناً بطمأنتها كنت أكرر عليها بأن راتبها لها وأنا أتكفل بكافة شؤون المنزل كانت ترد بتعجرف .. (أكيد هذه فلوسي وما لك دخل فيها) آلمني تبجحها وغطرستها وخشيت أن ردها وراءه ما وراءه وبالفعل صدق حدسي فقد تغيرت تصرفاتها على النقيض مما كانت عليه قبل الوظيفة فكثرت ولائمها واستقبالاتها بداعٍ ومن دونه أما ذهابها للأسواق فحدث ولا حرج وكنت حينما أنصحها لماذا هذا التبذير والإسراف .. ترد (بفلوسي) أو .. (هذه فلوسي وأنا حرة!) . وفي يوم احتدم النقاش معها لأنني لم أعد احتمل سلوكياتها ورعونتها فخيرتها .. إما الوظيفة أو أنا ... توقعت حينها استفاقتها وتبريد النقاش بشيء من التودد والتراضي أو إرجاء الاختيار على أقل تقدير وإذا بي أفاجأ بترجيحها كفة الوظيفة .
نفهم أن أغلب المشكلات الزوجية من هذا النوع يكون سببها الرئيسي طمع الزوج في راتب زوجته كيلا نقول استلابه (أو جزء منه) غصباً ! لكن ما لا نفهمه ويستعصي استيعابه وتبريره أن الزوجة تتبجح براتبها وتتعالى على زوجها فضلاً عن إهمالها لأولادها وبيتها رغم أن زوجها هو من كابد من أجل توظيفها المفارقة الأغرب أنه لم يطمع براتبها كما يفعل الكثير من الأزواج ..! أزعم وبشيء من التأكيد أن جل الموظفات المتزوجات (وغير المتزوجات) يتمنين مثل هذا الزوج وربما ويحسدنها عليه .