الخميس، ٢٨ رمضان ١٤٣٣ هـ

غيمة سوداء .. وتنجلي

لعله من المناسب في هذا الوارد استدعاء قول جان روسو «إننا لن نصبح (بشرا) إلا إذا أصبحنا مواطنين» .. فبمقتضى هذا المفهوم ربط روسو الإنسانية بالإنسانية، ودلالاتها باقتفاء تلابيب المواطنة الحقة. وبكلمة أوضح لا يمكن أن يكون الكائن بشرا ينبض بالإنسانية دون أن يكون مواطنا. وأبسط أبجديات المواطنة المحافظة على مكتسبات الوطن ومقدراته والذود عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وأي إخلال بهذا النسق أو خرقه أو حتى (التقاعس) تنتفي معه المواطنة، واستطرادا تنزع عنه الإنسانية بالمطلقة.
فما حصل في القطيف من محاولة حرق مركز شرطة وعقبه حرق مبنى المحكمة العامة دليل لا يقبل الجدل أن من اقترفوا هذه الأعمال الإجرامية الغاشمة لا يمتون إلى المواطنة في شيء وليس لهم من الإنسانية نصيب، لأنهم لو كانوا يحملون بطيات أجسادهم وجوارحهم جزءا يسيرا من المواطنة لاستفاقوا وأيقنوا أن ما قاموا به يتنافى ومبادئ الأديان وليس فحسب ديننا الحنيف. فشتى الأديان والأعراف بتفرعاتها الطائفية والمذهبية تحرم التخريب وزعزعة الأوطان، وبمقتضاه لا يمكن وصف هؤلاء الشرذمة إلا أنهم خارج إطار الإنسانية.. وحسنا فعل رجل الدين الشيعي وجيه الأوجامي أحد رجال الدين في القطيف برسالته التي وجهها لأهالي القطيف عبر (الاقتصادية) فحواها (ما يجري في القطيف على أيدي أبنائها لا يقول به عقل ولا دين ولا وطن.. وفي السياق ها هو الشيخ الجيراني قاضي دائرة الأوقاف والمواريث في القطيف يؤكد أن أمن الوطن من الواجبات وأقدس المقدسات وهو أمانة بيد الجميع، وغيرهم كثر.. وهذا ليس بمستغرب على رجالات الدين الشيعة الذين يدينون لهذا البلد بالمواطنة الحقة والولاء الصادق الذي لا تزعزعه قيد أنملة أبواق المرجفين وتتكسر على صخرته تأليبات المحرضين والمتربصين.. فهذا هو عهدنا بهؤلاء الشرفاء مشايخ ومواطنين فهم ولاريب إخواننا بالإنسانية ويشاطروننا المواطنة وهذا كفيل بأن يجعلنا جميعا (لحمة) ويدا واحدة لحفظ أمن هذا الوطن واستقراره..
من جديد أشيد بهؤلاء (المشايخ البررة) رغم أنني أعلم ويعلمون أن ما فعلوه واجب يمليه عليهم دينهم ومواطنتهم الحقة، وهذا أقل نزر الوفاء.. ونتطلع إلى المزيد من تلك الرسائل والخطب والمحاضرات لعلها تزيل غبش الضلال وتكنس غبار التيه عن بعض المتورطين أو قل المغرر بهم ويعودون لصوابهم ورشدهم وإلى حيث كنف المواطنة الخالصة الصادقة. أما من تجبروا وأمعنوا في غيهم فبالتأكيد سوف يعلمون أي منقلب سينقلبون.. نسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلدنا ويجنبه كل سوء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق