الأحد، ٢٢ يناير ٢٠١٢

«فشخرة !!» الزوج ..«2 ــ 2»

المقال السابق مجمله رسالة تضمنت (فشخرة الزوج) لاستشعاره حسب قوله الدونية تجاه زوجته ما دفعه لسلوكيات أفضت للكثير من التجاوزات والإحراج فضلا عن تكبده ديونا طائلة وأخيرا افتضح أمره وندم على فعلته... مقال اليوم محوره الزوجة ودورها السلبي في (فشخرة الزوج) بمعنى أنها كثيرا ما تدفع الزوج وبكلمة أدق (تحرض) لهذا السلوك إن بشكل مباشر أو إيحائي ولنضرب أمثلة على ذلك.. كأن تقول الزوجة لزوجها إن أختها أو ابنة عمها وربما صديقتها ينعمن بالرفاهية ورغد العيش وبأن أزواجهن مقتدرون ولهم معارف متنفذون، بالعامية (واصلين) وفي الإطار قد تمتدح أخاها وربما والدها وتبجله بوصفه ذا مكانة وشأن رفيع إلى آخر الديباجة التي قد لا ترى الزوجة خطورة انعكاساتها على زوجها على اعتبار بأنها مجرد ثرثرة لكنها في واقع الأمر مؤلمة وقـاسية على الزوج وإن لم يظهر امتعـاضه وسخطه علنا فمجرد امتداح الآخرين أمام الزوج رسالة (ضمنية) بأنه أقل منهم أو هكذا يستشعر الزوج فسرعان ما ينتابه شعور بأن زوجته بدت تقلل من قيمته وربما يتراءى له قهريا بأنها لم تعد توده واستطرادا سوف تتخلى عنه بوصفه أقل قيمة وشأنا من الآخرين خصوصا إذا تكررت تلك الأسطوانة. من هنا تدب الغيرة لدى الزوج لجهة هؤلاء الذين لم تنفك الزوجة عن تبجيلهم والإعلاء من شأنهم ما يدفع الزوج لا شعوريا للسلوك (التحويري) المرضي أي لفت الانتباه بمعنى أدق حرف وتحوير ما يجذب ويبهر زوجته بهؤلاء لناحيته فيبدأ تلقائيا بتقمص وتجسيد تلك النماذج من خلال التباهي المصطنع (الفشخرة) المؤسف إن بعض الزوجات قد تنطلي عليهن (الفشخرة الكذابة), ويظهرن استمالتهن وتقديرهن لأزواجهن وذلك ما يدفع لإمعان هؤلاء الأزواج بهذا السلوك المغلوط.. المحزن أكثر أن بعضهن يعمدن لهذا السلوك المحفز لزج أزواجهن (يتعامين) إن صح التعبير عن تبعات ذلك المهم لديهن أن الزوج يغير من وضعه ويماهي أقاربهن ومعارفهن.. الشيء الذي لا تعرفه هؤلاء الزوجات أو لايدركن تداعياته وخطورته إن دفع الأزواج لهذا السلوك قد يوقعهم في شراك النصب والتحايل وربما الرشوة والسرقة فضلا عن عبء الديون وقد يكون مآلهم السجن فأي تباه ووجاهة الذي يوصل الزوج لهكذا مصير. رب قائل.. ما الحل للقضاء على هذا السلوك؟. الحل من شقين: الأول لجهة الزوجات (المتعقلات).. يتعين عليهن ألا يثرن ويستفززن أزواجهن بكيل المديح للأقارب أمام أزواجهن مهما كانت مكانتهم وبريقهم فأقل تأثيراته كرههم وامتعاضه منهم وهي بالتأكيد لن ترضى بذلك وفي الإطار عليهن إظهار سخطهن واستيائهن لناحية أزواجهن لمجرد شعورهن بلجوء الزوج لهذا السلوك المقيت وهذا لا يعني ويجب ألا يعني الاستكانة والركون لحال أزواجهن.. بل عليهن دفع الزوج لتحسين وضعه وظيفيا واجتماعيا (لكن) وفق قدراته وإمكانياته وبالطرق والأساليب المشروعة.. الحل الآخر نوجهه للأزواج أقول لهم مهما كانت الأسباب ومهما حاولت الزوجة من حيث تدري ولا تدري امتداح أقاربها وتبجيلهم فلا مبرر لتبني ذلك السلوك العدمي لأنه في أول المطاف وآخره ضحك على الذات قبل أن يكون على الآخرين وهو ولا ريب صفة ضعاف النفوس ومهزوزي (هش) الشخصية وفي السياق يجب إفهام الزوجات ولجمهن إذا لزم الأمر بأنهن ارتضين بهم بهذا الوضع وليس المطلوب منهم لزاما أن يكونوا نسخة من هؤلاء الأقارب أو المعارف كيفما اتفق فكل حسب مقدرته وظروفه عطفا على قول المتنبي: (لولا المشقة لساد الناس كلهم)... السؤال الذي أود توجيه لهكذا زوجات هو: ماذا لو امتدح الزوج قريبته أو تغنى بأخته. 

الخميس، ١٢ يناير ٢٠١٢

شكوك الزوجة.. إلى أين؟

مقال اليوم من قبيل المضحك المبكي هاكم الموقف على ذمة المرسل .. طلبت مني زوجتي إحضار بعض الحلويات فذهبت لأحد المحال المعروفة وإذ بأحدهم يستقبلني بحفاوة، كان شابا وسيما الملفت أن صوته «أنثوي!» ولا أبالغ إذا قلت إنه أخفض وأنعم من أصوات بعض النساء! وأثناء الحديث عن الطلبات اتصلت زوجتي وإذا به (الناعـم صوتا وصـورة) لم يزل يتمم حـديثه معي وفجأة استشاطت زوجتي متسائلة بحنق أين أنت ومن هذه المرأة؟ فأجبتها على الفور أنا في محل الحلويات ولا يوجد به نساء قط .. لم تصدق جازمة بأنني أتحدث مع امرأة لا أخفيك نعتتني بأقذع الأوصاف قبل أن تقفل الهاتف في وجهي .. اشتريت المطلوب على مضض وعدت أدراجي فلم أجدها حاولت الاتصال بها لا جدوى فذهبت لبيت والدها فإذا به مستاء ناقم شرحت له الالتباس فلم يصدقني قابلت زوجتي بعد إلحاح وإذ بها تنهال علي شتما طالبة الطلاق أحسست حينها أني في ورطة حقيقية لكن سرعان ما تبادر لذهني إحضار ذلك الشاب وبالفعل ذهبت سريعا للمحل وشرحت له الموضوع واستعطفته بأن حضوره سوف ينقذ حياة زوجية على شفير الفشل وافق الشاب بعد أن ساومني بإعطائه ألف ريال مقابل هذه المهمة الإنسانية! استجبت وبخنوع ولو طلب أكثر لما ترددت حينها المهم أرجع زوجتي اصطحبته واستأذنت والد زوجتي بدخوله ومجرد أن تحدث معه قهقه بهستيرية لا تخلو من الاستهجان.. على ضوئها تجلت براءتي حيث إن زوجتي سمعت (صوته البهي) وصلت الشاب الذي كاد أن يكون سببا في تطليق زوجتي وأعطيته المبلغ وبعدها اصطحبت زوجتي إلى حيث عش الزوجية .. أزعم أن المرسل أراد بهذا الموقف إضفاء الطرافة وهو فعلا مثـير للضحـك لكنه وبـذات القـدر باعـث للحـزن والتنـدر بوصفـه يسـتـبـطـن وبجلاء مرض الشك وإن شئنا الدقة (الوساوس) فقد نكأ هذا الموقف الكثير من المواقف والقضايا المشابهة والتي كان مآلها ولم تزل الطلاق أو حياة بائسة يسكنها الارتياب وفقدان الثقة في أحسن الأحوال بسبب شكوك واهية لا وجود لها إلا في مخيلة الزوجة (الموسوسة). لست في مقام المدافع عن الأزواج ونصرتهم فثمة من لا يستحق أن يكون زوجا لانغماسه في وحل الأخطاء وربما الخطايا ولكن هذا لا يعني ويجب ألا يعني أن تكون الشكوك والتربص هما الأداة (الرادار !) إن صح الوصف الذي تتوسله الزوجة لمتابعة تحركات زوجها ومن جملته وأقـلـه (شمشمة) ملابسه واختراق جواله! نتفهم لا بل ونثمن غيرة الزوجة وتوجسها من أن يلوذ زوجها بغيرها أو حتى ينجر لمهاوي الانحراف وهو بالتأكيد حق مشروع وصحي لكن يجب ألا يغيب عن بالها بأن الشكوك هي التي قد تفقدها زوجها نعم فليس كل الأزواج طيعين ومسالمين على شاكلة صاحبنا المرسل (يكالب لإثبات براءته) فثمة أزواج يستهجنون الشك ويعتبرونه إهانة وهو كذلك بالفعـل. أتمـنـى على جمـيـع الزوجـات بأن يزلـن الشكـوك من أدمغتهن لأنها إن عشعشت ستقضي لا محالة على حياتهن الزوجية وربما تفضي لاعتلال صحتهن والأرجح الاثنان معا .. رب قائلة ممتعضة هل نترك أزواجنا (يسرحون ويمرحون) دون حسيب أو رقيب؟ بالطبع لم أقصد اللامبالاة والتبلد الحسي فهو أيضا مرض لا يقل عن سابقه غاية القصد الأسلوب التهكمي المباشر وغير المحسوب لأنه لن يجدي حتى في حال ثبوت الشك وتكمن خطورته في ردة فعل الزوج (المفضوح) فيكون مآلها الطلاق وبهذا المعنى فهي مغامرة..
قصارى القول إذا كانت الزوجة تشك بزوجها لمجرد (الشك) أي ليست باقية على وده فلتفعل ما بدا لها وعليها توقع التبعات أما إذا كانت توده فيجدر بها تحوير شكوكها (الطاردة) باستمالته وكسبه وأزعم وبشيء من التأكيد أن هذا الأسلوب سيقرب الأزواج لناحية زوجاتهم وبمقتضاه سوف ينأون عن هناتهم ونزواتهم إن وجدت على فرض وجود بصيص من الحياء وشيء من رجاحة التفكير .. عموما سوف أختم بموقف أحسبه لا يقل طرافة، حصل مع أحد الأصدقاء، يقول: زوجتي شكاكة جدا وقد اتصلت بي يوما بينما كنت في السيارة أنصت لبرنامج تقدمه إحدى المذيعات وأثناء الحديث ضحكت المذيعة بغنج سافر الطبيعي والمفترض أن أترك العنان للمذياع يصدح والمذيعة (تلعلع) ريثما يتعالى صوت رجل (أجش) يبدد شكوك زوجتي لكنني وبحماقتي أغلقته وهذا ما جلب علي محاضرة قاسية من زوجتي حين وصولي عن المرأة وسر ضحكاتها الصاخبة! وبعد سجال طويل ومرير كسبت الجولة.. لكنها بالفعل كادت أي المذيعة تشعل فتنة في بيتنا.. لقد قـدر لصديقي أن يفلت وإن بإعجوبة من شكوك زوجته العدمية لكن لنتخيل لو أن نفس الموقف حصل مع المرسل (صاحب الموقف الأول) ماذا عساه أن يفعل ليثبت لزوجته من هي صاحبة الضحكات الأثيرية.

«فشخرة !!» الزوج «1/2»


قبل الزواج كنت شخصا عاديا مغمورا قانعا، لكن في الشهور الأولى من الزواج انتابني إحساس بأنني أقل مكانة من زوجتي ربما لكوني موظفا بسيطا وهي من أسرة ميسورة الحال وتملك جمالا أخاذا، الحقيقة لم تحسسني يوما بالدونية لكن تملكني هاجس بأن يأتي يوم تتجاهلني وتنتقص من قيمتي وربما تتخلى عني ما دفعني لسلوكيات وتصرفات استعذبتها لكونها رفعت قيمتي ومكانتي لدى زوجتي أو هكذا توهمت.. لا أخفيك تكالبت علي الديون من كل حدب وصوب وسلكت طرقا مغلوطة وغير مشروعة في عملي من أجل توفير مزيد من المال فقط لأشعرها بأني شخص وجيه ومرموق وذو شأن، أما عن العلاقات فحدث ولا حرج، فكنت دائما أتباهى وبشيء من الغطرسة بشبكة علاقات مع علية القوم لدرجة أوقعت نفسي في مواقف محرجة جدا لأنها أي زوجتي كانت تطلب مني التوسط لصديقتها أو قريبها بحكم أني (واصل!) فكنت أمام خيارين أحلاهما مر؛ فإما أن استجدي الموظف أو المسؤول صاغرا أو أدفع مبلغا كبيرا للمعقب لإنجاز المعاملة كيفما اتفق.. كنت إذا تصادف وجودنا أنا وزوجتي في الأماكن العامة أو المطاعم وواجهت أي شخص يعرفني وبادر بالسلام قلت لها هذا مسؤول رفيع في الجهة الفلانية بينما هو موظف عادي مثلي أو أقل، لقد عشت دور المسؤول المتنفذ بكل تفاصيله ونسيت أني أجسد (فشخرة) كذابة لا بد أن تنكشف، وفعلا بعد مضي خمس سنوات أنهكتني الديون وملاحقة أصحابها وافتضح تلاعبي في العمل وكدت أفصل من عملي، أما زوجتي فهي الأخرى بدأت تشك في تصرفاتي، فذات مرة توقفنا عند إحدى (البقالات) لشراء غرض ناسيا أني كنت تسلفت منه واستدركت بسرعة وإذا به يترجل صوبي متهكما استطعت الفكاك، ولما سألتني زوجتي ماذا يريد منك.. قلت وبكل تبجح يريد مني (نقل كفالة!) وقس على ذلك الكثير من المواقف المحرجة.. إلى أن جاء اليوم الذي افتضح أمري فقد اتصل بي أحد (الدائنين) سليط اللسان، خاطبني بحنق ومهددا بصوت مسموع فقد كانت زوجتي قريبة مني.. كالعادة (حورت) المكالمة وقلت لها هذا صديقي مسؤول كبير يعاتبني لعدم حضوري لمناسبة كان قد دعاني لها.. شكت زوجتي لأني قفلت الخط قبل أن ينهي مكالمته، اتصل ثانية، وما كان من زوجتي إلا أن خطفت جوالي وردت وإذا به يشتم ويتوعد مطالبا بسداد المبلغ حينها لم يعد أمامي سوى الاعتراف لها بكل ما اقترفته، عاتبتني كثيرا قائلة لماذا فعلت كل ذلك فأنا راضية بوضعك.. ندمت ندما شديدا على ما سببته لنفسي ولأسرتي من ديون وإحراجات كنت في غنى عنها.. أتمنى نشر رسالتي ليتعظ بها غيري فأمثالي (المتفشخرون) كثر..
أشكر المرسل على هذا الطرح القيم، وأتمنى أن يكون فعلا استدرك وتعافى من داء (الفشخرة).. في المقال اللاحق سوف نتحدث عن الأسباب التي تدفع لهذا السلوك فحسب رواية (المرسل) لم تكن الزوجة وراء فشخرته لكن ماذا إذا علمنا أن الكثير من تلك السلوكيات بإيعاز من الزوجة بشكل أو آخر وتداعيات ذلك .. هذا ما سوف نعرفه إلى ذلك الحين نستودع القراء الكرام بأمل المشاركة في طرح الآراء والمقترحات التي بالتأكيد تثري الموضوع بل وتسهم في علاجه.

الأحد، ٨ يناير ٢٠١٢

فلنقلق .. ولكـن ؟!

كثيرا ما يوصف القلق بأنه مرض ونذير سوء لدرجة أننا عندما نسمع أن فلانا قلق يتبادر للذهن بأن شخصيته مضطربة ومعتلة يتملكها اليأس والهواجس السوداوية فأضحينا أو نكاد لا نفرق بين القلق والاكتئاب والوساوس القهرية وغيرها من الأمراض النفسية.. فما يجب أن نعرفه بل ونعمل بمقتضاه أن القلق ليس بمعظمه دليلا على اعتلال الشخصية واضطرابها، بل قد يكون على الضد من ذلك تماما فهو إن صح التعبير رديف للطموح وآلية احترازية في الآن نفسه وهذا بطبيعة الحال مرهون بماهية القلق ودرجته الأمر الذي يجرنا بداهة للتعرف على وجهي القلق (الحميد، المرضي) ليتسنى لنا توسل الحميد وتجنب المرضي.. أي أن الشعور بالتوجس والخوف لجهة أمر ما يشكل اقتفاؤه أو تحقيقه مردودا ماديا أو معنويا هو في حقيقة الأمر قلق صحي وحميد، وفي الإطار ذاته أي تحرز وتدابير وقائية لناحية تجنب ضرر أو ضارة مادية أو معنوية فهو لا ريب قلق صحي وحميد أيضا وحتى لا يلتبس الأمر فإنه ينبغي علينا التيقن بأن تلك التوجسات والاحترازات (المقلقة) تدخل ضمن السياق العام المتعارف عليه ضمنا بمعنى عدم المبالغة دنوا أو علوا حتى لا ندخل في شرنقة القلق المرضي أو ربما نقيضه (التبلد الحسي) من حيث لا ندري، ونقصد بالمبالغة الإمعان بالمخاوف لجهة أمور مألوفة وطبيعية ومرد ذلك عدم توسل التدابير المادية والعملية ونقيضه التقاعس وعدم الاكتراث في أمور مصيرية وربما خطيرة، فقلق الطالب لقرب موعد الاختبارات يعتبر قلقا طبيعيا وصحيا لكن إذا لم يكن مشفوعا بالاستذكار بات قلقا مرضيا.. والزوجة التي تقلق على زوجها لأنه أظهر فتورا لناحية علاقته بها يعقد قلقا حميدا لكن إذا لم تتقصى جوانب التقصير أو الأسباب التي أفضت لفتور زوجها وتاليا التعامل معها بإيجابية لاستعادة ود زوجها أضحى قلقا سلبيا..
ملخص القول: إن القلق الصحي والمفيد هو نتاج أسباب ومتغيرات مبررة تدفع لتحقيق مكاسب ونجاحات مادية أو معنوية، هذا على الصعيد التحفيزي، أما الاحترازي فهو يدفع لتوسل السبل للوقاية من إخفاقات أو أضرار.. نخلص مما تقدم: إن القلق (الصحي) مطلب أساسي في شتى مناحي الحياة من المفيد بل من الضروري استثماره وتوظيفه لتفعيل قدراتنا، لكن علينا أن نتذكر أضراره وخطورته في حال المبالغة به أو نزعه.

زوجة «بريال !!»

نحن من أسرة ميسورة جدا كلنا بنات وعددنا خمس، وهذا ما جعل والدنا يتوجس خيفة أن يفوت قطار زواجنا سريعا. فكان هاجسه الأكبر 
(العنوسة)، ومن فرط قلقه أعلن صراحة لجماعتنا والمقربين لدينا بأن مهرنا ريال واحد فقط.. على أن يتكفل والدي بكافة مستلزمات الزواج. المهم أن يفتح المجال لأكبر عدد وبأسرع وقت للتقدم لخطبتنا، فكان له ذلك فخلال يومين فقط من إعلان قيمة المهر المغري تقدم لأختي الكبرى ثلاثة شباب، وافق والدي على أحدهم مبدئيا، وبعد السؤال عنه تبين أنه جدير بالزواج، وبالفعل تم الزواج واستبشرنا خيرا وأيقنا أن رخص المهر هو الدافع الأكبر لتهافت الشباب على الزواج. وخصوصا محدودي الدخل.. فوجئنا بعد أقل من أسبوع بعودة أختنا يملؤها الحزن والخيبة، حاولنا أنا وأخواتي التعرف على سبب بؤسها فلم نفلح إذ كانت تلوذ بصمت مطبق، وبعد ساعة تقريبا إذا بها تنفجر بكاء وتردد بحرقة والدي أرخصني، العنوسة أرحم من أن أهان وأذل من رجل أصلا لا يستحق أن أكون زوجة له، سألناها بصوت واحد ماذا حصل؟ بعد تنهيدة مشبعة بالانكسار والهوان قالت: كان يعاملني بدونية واستخفاف لا لخطأ أو تقصير بدر مني، فقط لأني رخيصة (تقصد قياسا على مهرها). لأنه من فئة الذين يثمنون الأشخاص وفق التسعيرة أي كلما زاد مهر البنت زاد تقديرها واحترامها بل التشبث بها ربما ووالدنا سامحه الله أرخص قيمتنا من حيث لا يدري وعن غير قصد. 
حاولنا التخفيف عنها وإخراجها من محنتها بأنه أي زوجها ربما يحس بخطئه وسوء تصرفه لكنها رفضت الرجوع له مهما كلفها الأمر. المثير للاستغراب أنها تملك جمالا أخاذا وأناقة طاغية، فضلا عن كياسة خلقها، ومع ذلك فرط بها وبالفعل يبدو أن الإشكالية في المهر. أخبرنا الوالد وغضب غضبا شديدا وتملكه شعور عارم بالذنب كونه زوجها لشخص فسر رخص المهر على أنه نقيصة (وبوار) وليس رغبة حانية من أب يود التسريع بزواج بناته والاطمئنان عليهن. المهم مكثت أختنا قرابة شهر دون أن يكلف نفسه حتى بالاتصال وهذا ما أكد لنا بما لا يدع مجالا للشك بأنه استرخصها فعلا.. طفح كيل حنق وسخط والدنا فاستدعاه ووبخه على فعلته لكن ودون أن يرف له جفن قال لوالدي وبشيء من الغطرسة.. ما المطلوب ؟ وعاجله والدي بعد أن كظم غيظه الطلاق ولا شيء غيره فلم يتردد وطلقها بدم بارد انتهت الرسالة..
بالطبع لست مع غلاء المهور أيا كانت المبررات لكني في الآن نفسه ضد أن يكون المهر بهذا الزهد ليس كرها (معاذ الله) بتيسـير زواج محدودي الدخل بل خوفا وإن شئنا تحرزا من أن يفسر على غير ما ينطوي عليه المقصد.. كنت أتمنى أن تكمل المرسلة بقية القصة أي التداعيات وهل بقي المهر على ما هو (ريال) أم زاد وإذا زاد ما هو مصير التي تطلقت بسبب بخس مهرها؟ عموما موقف الأب وبناته لا يحسدون عليه.. نتمنى أن يلهمهم الله السبيل للخروج من هذا المأزق. بقي أن نقول لا للغلواء في المهور، فبقدر ما ارتفاعها يطرد الشباب وينفرهم من الزواج، بقدر ما المبالغة بالبخس أيضا منفرة إنما لناحية الزوجة هذه المرة والحل يكمن في الاعتدال والوسطية فلا ضرر ولا ضرار.

ابن عمي «حجرني!»

رسالة اليوم تثير رأفة واستعطاف ذوي القلوب الصلدة وتئن لها المشاعر الغليظة حزنا وألما فما بال الأمر بعامة الناس دعك من مرهفي الحس.. 
أختي الكبيرة محيرة (محجورة) بالعامية لابن عمها كانت ترفض بشدة الزواج منه ليس كرها بل باعتباره أخاها، ورغم علم ابن عمها برفضها الزواج منه إلا أنه أصر بمقتضى (صك !) التحيير الضمني ولم يجدِ توسلها لوالدها لفك الحجر من ابن عمها فتزوجت منه كرها وطلقها ولم يمض على زواجها أسبوع وهي الآن تتلظى حزنا وبؤسا منذ خمس سنوات فاشتعل رأسها شيبا وهي لم تزل دون الثلاثين من عمرها. كما داهتمها أمراض (عضوية، نفسية) عديدة يبدو أنني سوف أواجه ذات المصير فأنا أيضا (محجورة) لابن عمي الآخر .. المؤلم إنه يعرف ما جرى لأختي ويعلم أيضا أنني لا أريد الزواج منه لكنه أمعن بإصراره نكاية بي. والدي استدرك (وإن متأخرا) جور وفداحة فعلته مع أختي وقال لي لن أكرر الخطأ فلن أجبرك على الزواج منه، توقعت حينها أنني تحررت مـن سجن (التحيير) المقيت لكن صعقت عندما عاجلني قائلا: لكنك ستبقين محيرة ! وفعلا تزوج ابن عمي من أخرى وأنا لازلت معلقة أستجدي فك تحييري.. أطالب من هذا المنبر إيجاد حل سريع لهذه الظاهرة المسكوت عنها.. والتي راح ضحيتها بنات يافعات، انتهت الرسالة. 
أي جور هذا الذي يسلب البنت حق تقرير مصيرها وأي ظلم وتنكيل الذي يتعاضد الأب مع ابن أخيه على سلب إنسانية وإرادة ابنته وزجها رهينة جبروت ابن عمها يتزوجها كرها وتنكيلا أو يتركها معلقة لمصير مظلم وأي قسوة التي تجعل الأب يتبلد حسيا أمام دموع وتوسلات بناته لمجرد أن يعتقهن من صولجان التحيير المرير ؟ وأي دناءة تجعل الرجل يصر على الزواج من ابنة عمه وهو يعلم سلفا أنها لا تريده ؟. السؤال الأكبر هو: أين نحن من هذا كله فهل يعقل أن نرى بنات مجتمعنا بهذه التعاسة والهوان دون أن نحرك ساكنا لقد ملأنا الدنيا ضجيجا عن العضل وتعليق المطلقات وتعنيف الزوجة وغيرها وتغافلنا عن ما هو أشد تعنيفا ومهانة، متى نتحرر من هكذا عادات وأعراف تنكر على المرأة إنسانيتها وتجردها من أبسط حقوقها وهو حق تقرير مصيرها.
أتمنى من كل قلبي على كل أب يقرأ هذه الرسالة أو يسمع بها أن يسرع لعتق وتحرير بناته بل ابتداء انعتاقه هو إن جاز القول. وفي السياق أناشد كل رجل رهن نفسه أو ارتهن رغما عنه بهذا العرف المجحف أن يستدرك خطورة هذا السلوك وتداعياته فابنة العم لا تقل منزلة عن الأخت وأزعم أن أي مسلم عاقل لا يرضى بهذا المصير غير الإنساني لأي بنت فما بالنا بابنة العم وفي الإطار قد يكون من المناسب التذكير أنه ثبت طبيا أن أغلب الأمراض الوراثية وتشوهات الأجنة نتيجة زواج الأقارب وخصوصا أبناء العمومة..
وفي الختام مفارقة كبرى.. فقد نما لعلمي قبل الشروع بالكتابة أن بعض الآباء (يحجر) ابنته لابن عمها رغم أنه قد يكون مدمنا أو مريضا وربما معتوها وعليها الاختيار إما الارتماء في أحضان ذلك المدمن أو المعتوه أو البقاء إلى حيث المجهول، يا له من اختيار محير فعلا. نسأل الله العافية وحسن التدبير. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

وحدة المملكة ربيعها الدائم

إذا أردت التعرف على ثبات المجتمع واستقراره فابحث عن مدى توحده .. وبمقتضى هذه الدلالة يعد مجتمعنا السعودي أكثر ثباتاً واستقراراً . فمنذ تأسيس المملكة على يد المؤسس الباني الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - والمجتمع السعودي يرفل بنعمة الأمن والاستقرار تحت راية التوحيد الذي اتخذته المملكة بقادتها الميامين منهاجاً لم يزل يرفرف وسيظل خفاقاً بمشيئة الله على امتداد تعاقب أبنائه البررة.
وهذا دليل لا يقبل الجدل على حسن طوية قادتنا وسمو نهجهم القويم .. إن ما حصل في (العوامية) من شغب وإطلاق أعيرة نارية على مركز للشرطة وما أعقبه من اشتباكات ما هي إلا محاولات قاصرة ودنيئة من البعض الهدف منها تعكير الوحدة الوطنية والتي يبدو أن اختراقها بات هدف ومطمع المغرر بهم بوصفهم مواطنين.
وأقول (مغرر) بهم لأنهم استخدموا كأداة للعبث بمجتمعهم.. وأقول لهؤلاء وغيرهم ممن ارتضوا أن يكونوا معاول هدم وتفكيك مجتمعهم استدركوا وتراجعوا عن ما أنتم فيه من غي وضلال.. فالوحدة الوطنية مكسب لكل مواطن مهما تعددت طوائف المجتمع .. فاختلاف المذاهب يجب ألا يكون على حساب الوحدة الوطنية فبإطارها تتعدد الأطياف وتتناسل التوجهات والرؤى والحوارات فيما يزيد من تماسك المجتمع وترابطه وهذا ما ينبغي أن نسعى له جميعاً ونعمل بمقتضاه. وأقول للذين أبوا إلا أن يكونوا بؤرة فرقة وشقاق لن تفوزوا بما تسعون له من فتن لن تزيد مجتمعنا إلا تماسكاً وقوة، لأن ما ننعم به من وحدة متجذرة قوامها تلاحم الشعب مع قيادته. ونحسب أن ذلك هو ربيع المملكة الدائم .. ربيع لطالما تحسدنا عليه الكثير من المجتمعات التي ما انفكت تحارب وتفقد الكثير من أبنائها ومقدرات أوطانها لتحقيقه.
يبقى أن نقول ليس أجل من التضرع للمولى عز وجل أن يديم علينا نعمة الاستقرار وربيعاً دائماً تحت مظلة وحدتنا الوطنية برعاية والدنا القائد الملهم خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – وأعانه وسدد خطاه. 

قيادة المرأة .. أبعادها وضوابطها

خبر استيقاف منال الشريف التي قادت سيارتها للمرة الثانية في المنطقة الشرقية وما عقـبها (حتى تحرير هذه السطور) من توقيف أخرى في مدينة الرس ينكأ من جديد قضية شائكة طالما راوحت أو لنقل تأرجحت بين الرفض (بالمطلق) والتأييد أيضا (بالمطلق) آثرت وضعها (المطلق) بين هلالين لأنها العثرة الأكبر في فك هذه العقدة الكأداء إذ من غير الممكن حتى لا نقول من المستحيل حل أي قضية مهما كانت بسيطة يتنازعها فريقان كل منهما يكابد لكسبها بالمجمل فما بال الأمر بقضية كهذه .. فالمحصلة الطبيعية مزيد من السجالات والمقارعات والمناكفات دونما طائل المؤرق حقا أن قضية من هذا النوع يتقاسمها النزاع والجدل دائما ما تكون (نشطة) تطل برأسها حيثما سنحت الفرصة بل قل تتحين الفرص للظهور مجددا ما العمل هل نتركها للزمن بوصفه كفيلا بحلها؟ لا أعتقد أن ذاك حل وجيه بل هو السلبية عينها ولو كان الزمن ترياقا شافيا لطببتها السنوات فهي قضية مضى عليها عقود دون أن تهدأ ولن تخبو دون حل يزيل الاحتقان بين الطرفين المتنازعين ولن يتحقق ذلك إلا بالتخلي وإن شئت التنازل عن الحل (المطلق) إلى ذلك نستطيع التفكير والرؤية بموضوعية وبمعزل بادئ ذي بدء عن التسيد بفرض الرأي وإقصاء الرأي الآخر .. فتصبح القضية والحالة تلك مطلبا شخصيا أكثر منه مجتمعيا .. نفعيا لا ذرائعيا .. اختياريا لا فرضيا .. وضرورة لا ترفا بمجمل هذه الأبعاد بمقدورنا صياغة تدابير وإجراءات من شأنها تلبية حاجات بعض الأسر لقيادة المرأة دون غضاضة تطال الممانعين لهذا المنحى أو هكذا يفترض وبكلمة أوضح إخضاع قيادة المرأة لضوابط ومسوغات (براغماتية) من شأنها مراعاة من هي في مسيس الحاجة للقيادة كالمرأة التي لا عائل لها بغض النظر ان كانت موظفة أو ربة منزل لتمكينها من قضاء لوازمها وحوائج أبنائها كي لا تضطر للسائق أو اللجوء لأقارب قد لا يكونون في حكم المحارم .. أما بالنسبة للبيت الذي به أكثر من امرأة يسمح بالقيادة لواحدة فقط شريطة ألا يكون لديهم سائق ويشترط عدم استقدامه فالقضية كما أشرنا للضرورة فمن غير المنطقي ولا من رجاحة التفكير أن يسمح بقيادة المرأة جنبا إلى جنب وجود السائق حتى لا نسهم من حيث ندري أو لا ندري بتفاقم الأزمة المرورية التي هي أصلا متفاقمة.. رب قائلة أو قائل ماذا عن بقية النساء ؟ أكرر: إن هذه قضية مزمنة وشائكة لا تقبل الحلول الجذرية (العاجلة) والشاملة فلا بد من تفتيتها ومرحلتها أي التعامل معها بجزئية وبالتدرج فلنبدأ بالأولويات وبمقتضى التجليات المتمخضة يستسهل استبصار واستشراف مآل القضية وتاليا التحكم بمفاعيلها وتوسيع رقعتها المهم أن تكون هناك خطوات على هذه الجادة فلا مجال للقفز عليها ولا جدوى من ترحيلها قبل أن أختم استحضر سياق السؤال التقليدي (العدمي) هل ستسمح لزوجتك أو أختك أو ابنتك أن تقود السيارة ؟ لن يفيد الجواب أكان بالإيجاب أو النفي المهم ألا نصادر إرادة الآخرين وحقهم في تقرير مصيرهم على قاعدة حاجاتهم وظروفهم فالقضية نسبية فما لا تحتاجه قد يحتاجه غيرك ربما بشكل ملح وعاجل وما تراه أنت ترفا فهو بالنسبة لغيرك ضرورة لا محيد عنها أما عن الذين يتذرعون بأن قيادة المرأة تفتح باب التحرشات أقول لهم كفوا عن تلك الأقاويل والذرائع الاستباقية التي تشوه مجتمعنا بأنه مجتمع ترتع به ذئاب بشرية مسعورة تترقب اللهاث وراء كل امرأة تقود سيارتها! السؤال أين هذه الذئاب من النساء وهن يترجلن بمحاذاتهم بالأسواق وبين ردهات المستشفيات ؟ أليس من الأيسر (افتراسهن) عوضا عن كونهن متخندقات بمركباتهن!.
عموما لست في وارد نفي وجود تلك الذئاب فنحن لسنا مجتمعا ملائكيا لكن هل من المفيد تكريس شوكتهم وسقيها بتوسلهم (كفزاعة) ضاغطة باعترافنا ضمنا بأنهم قادرون على مناهضتنا وتحييد فكرنا لا بل والتحكم في بوصلة توجهنا!
أوليس الأجدر تسفيههم وتتفيههم مضيا لاقتلاع شوكتهم.. غاية المقصد فلنبادر في حل هذه القضية وفق المحددات والأطر أعلاه، المهم ألا نراهن على الزمن لحلها والأهم عدم الارتهان أو الانسياق وراء تكهنات وهواجس وفزاعات تعيق أو تحول دون درء ما هو أكثر إساءة وضررا.

مقص الكاتب

ثمة كتاب كي لا أقول أكثرهم يستاؤون من (مقص) الرقيب بالمطلق بوصفه حسب اعتقادهم الأداة التي تعبث بمضمون وفكرة المقال فيخرج منزوع الدسم فاقد القيمة.. 
حقيقة الأمر لا يمكن تجاهل هذه الرؤية بل وأضيف ودون أدنى مبالغة أن بعض الكتاب يستنكر مقاله وكأنه لكاتب آخر جراء عبث المقص طولا وعرضا سواء بالحذف أو الإضافة وربما الاثنان معا، لكن هذا الإجراء يجب ألا ينسينا أو يجعلنا ننكر أو نتجاهل أهمية مقص الرقيب، إذ ليس من المنطقي ولا من المعقول تمرير المقال أو المادة الصحفية دون مراجعتها بل ويطالها المقص إذا لزم الأمر مهما كان اسم الكاتب وجماهيريته وهذا يجرنا للقول إنه من الخطأ مجرد الاعتقاد بأن المقص يقلل من قيمة الكاتب أو منزلته ولعلكم تشاطرونني الزعم بأن ليس ثمة كاتب لم يأت المقص على كتاباته، ولا غضاضة مهنية أو شخصيه تطاله إلى ذلك لا بد من التذكير بأن المقص في كثير من الأحيان يعمل على ترشيد كتابات بعض الكتاب وتنقيحها وربما ساهم بشكل أو آخر بنجاحهم وبزوغ نجمهم كما تجدر الإشارة في هذا الوارد بأن هناك كتابا موهوبين لكن ينقصهم التوجيه والجادة الممهدة التي ينطلقون منها والمقص يعمل على هذا المنحى في كثير من الأحايين، واستطرادا قد يكون من المفيد القول إن بعض الكـتـاب في غضون انهماكهم وحماستهم في كتابة المقال ينساق قلمه بمقتضى انفعالاته وربما عاطفته فتأتي بعض المفردات والعبارات غير مقنعة أو قل غير ذات معنى إن جاز القول أي فيها ما فيها من المبالغة والغلو إن بالقدح أو المديح والتبجيل وهذا بطبيعة الحال يؤثر على سياق المقال ومضمونه فيخرج بشكل غير موضوعي وبكلمة أخرى تتوه الفكرة المراد طرحها ومعالجتها الأمر الذي قد ينعكس سلبا على الكاتب.
من هنا يعتبر تدخل المقص ضروري لا بل مطلب أساسي ليس للكاتب وحسب بل للقراء والصحيفة على حد سواء..
ما تقدم لا يعني ويجب ألا يعني تجاهل الكاتب وتشذيب مقالاته دون علمه، فهذا أبعد ما يكون عـن المهنية الصحافية وأدبياتها، إذ يتوجب بادئ ذي بدء إشعار الكاتب في حال تعديل وتقويم (حذف، إضافة) المقال ونحسب ذلك من أبسط أبجديات حقوق الكاتب وله الخيار إما أن يقبل نشر المقال بعد تمريره على المقص أو الرفض أي عدم إجازته للنشر. من هنا تتحقق موضوعية المقص بوصفه آلية مهنية لتصويب وتقويم ما ينشر ليس إلا.

لأني قوية شخصية .. تطلقت!!

باختصار شديد أنا مديرة مدرسة «ثانوية» ناجحة جداً بشهادة الجميع.. وبشهادة الجميع أيضا قوية شخصية حازمة لا أرضى بالتهاون واللامبالاة، لكن يبدو أن قوة شخصيتي الطاغية أفضت لفشلي الذريع في حياتي الزوجية، فقد تطلقت ثلاث مرات.. تمنيت وأقولها بكل ألم ومرارة لو كنت ضعيفة شخصية، لربما استطعت أن أنجح بزواجي الأول بدلا من سلسلة الطلاقات.. وقدري بأن يكون نجاحي في حياتي العملية وقوة شخصيتي على حساب حياتي الزوجية.. أصارحك القول بت أحسد زميلاتي «ضعيفات الشخصية» بوصفهن نجحن في حياتهن الزوجية.. محزن حقاً أن الرجال في مجتمعنا لا يروق لهم إلا المرأة الضعيفة المنصاعة والمنكسرة.. هذه فحوى الرسالة.
بداية أشكر الأستاذة الناجحة جداً في عملها ولن أقول الفاشلة في حياتها الزوجية لأنه لا يزال هناك فسحة أمل إن هي استدركت.. أشكرها على شجاعتها وتفانيها، والدليل رسالتها التي آثرت بأن تكون عبرة لغيرها.. كان بالإمكان «ولم يزل» استلهام نجاحها في عملها وقوة شخصيتها ليصير امتداداً وتتويجاً لنجاحها في حياتها الزوجية، لكن يبدو وهذا ما يستوجب تداركه وتصويبه، بأن مفهومها لقوة الشخصية أو «المرأة الرجلة» إن صح القول ملتبس كي لا أقول على النقيض واقع الحال لا أدري من أوحى لها وهي المرأة المتعلمة بأن قوة شخصية المرأة تفضي للفشل؟ ووفق أي معيار زعمت وهي الإدارية الماهرة بأن زميلاتها «ضعيفات شخصية» بدليل نجاحهن أسرياً؟ لا ريب أن أكبر خطأ وقعت فيه «المديرة» وعلى شاكلتها الكثير أن «طاعة الزوج» انصياع وضعف وعكسه التمرد والممانعة واستطراداً «الزعيق» ورفع العقيرة من تجليات قوة الشخصية وأهم ملامحها.. وحتى لا تتوه الفكرة نؤكد بأن من أهم دلالات وسمات قوة الشخصية طاعة الزوج بالمفهوم الودي الخلاق وليس الخنوع حسب عرفهن واعتقادهن.. فالطاعة هنا الامتثال لكل ما هو مشروع وبديهي، أما الانصياع والإذعان فعلى عواهنه وبمقتضى هذا المفهوم لا نرى غضاضة أو انتقاصا تطال شخصية المرأة إن هي استجابت لطلبات زوجها.. الإشكالية ها هنا تكمن بأن بعض الزوجات وتحديداً القياديات في العمل يفسرن ذلك على أنه من ضروب الأوامر الملزمة وربما التعسفية بوصفهن لم يعتدن أو قل لا يحبذن -إن شئنا الدقة- تلقى الأوامر، بل هن يأمرن فقط هذا الخلط أو الازدواجية بين العمل والبيت يجعلهن غير قادرات على الاستجابة والتعامل الصحي مع معطيات سلوك الزوج فيتعين عليهن الفصل بمعنى نزع «جلباب» العمل لمجرد دخول البيت وهذا لن يقلل من قوة الشخصية بل مؤشر على القوة بمفهومها الحقيقي وبالتلازم، أي في الآن نفسه عليها ارتداء الجلباب المنزلي، وبكلمات أوضح القيام بجميع أمور منزلها ورعاية أبنائها فإنجاز المستلزمات المنزلية المنوطة بها على أكمل وجه ملمح من قوة الشخصية على عكس الإهمال والتقاعس اللذين يعدان من بوادر الفشل، وكما يعلم الجميـع بأن الفشـل وقـوة الشخصية نقيضان لا يلتقيان.. قوة الشخصية يا أخواتي الفضليات تتجلى أكثر ما تتجلى بالرزانة وعدم «الثرثرة» العدمية، أي حفظ كرامة الزوج بغيابه وحضوره وعدم البوح بأسراره أو نقائصه وعيوبه والتعاطي معهما داخل إطار المنزل.
قوة الشخصية في توفير وتهيئة أجواء الراحة للزوج «على افتراض أن يبادلها ذات الشعور»، قوة الشخصية هي احترام أقارب الزوج وتوجيبهم لأن احترامهم دليل لا يقبل الجدل على احترام الزوج.. قوة الشخصية في تفهم واستيعاب حوائج ومتطلبات زوجها دون أن يصرح بها «لماحة» وكذا احتوائه ومساندته عند المنغصات والملمات.. قوة الشخصية في إيجاد المناخ الملائم للتحاور مع الزوج، إن لجهة ما يتعلق بعمله أو لناحية أمور المنزل.. هذه من أهم دلائل ومؤشرات قوة شخصية الزوجة بمعناها الحقيقي.. فإذا كانت لديك فأنت حتماً تملكين ميكانيزمات النجاح في حياتك الزوجية، وإذا فشلت فالعيب يكمن بالزوج، لأنه هو ضعيف الشخصية والضعيف الهش كما هو معلوم لا يستطيع مجاراة القوي والتماهي معه، لأنه لا يثمن معطياته كما ينبغي أو إن صح التعبير لا يتفهمها وفق معاييرها القويمة. 
نختم بوصف «أبي حيان التوحيدي» أم المؤمنين «عائشة» رضي الله عنها بأنها «رجلة العرب» لما اتصفت به من صدق الحديث وقوة البأس وأداء الأمانة، وهذا دليل ناصع بأن المرأة القوية «الرجلة بفكرها» طيعة ومخلصة ومتفانية مع زوجها وليس العكس.  

اتحاد الخليج العربي.. لم يعد حلماً

إن أكثر ما يميز القمة الخليجية المنعقدة في الرياض أو لنقل العلامة الفارقة التي تستثنيها عن سابقاتها هي الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله والمتضمنة تدشين كيان واحد (تقفز) فيه دول المجلس من مرحلة التعاون إلى الاتحاد.. كما تلاحظون تعمدت وضع صفة (القفز) بين مزدوجين استعاضة عن التجاوز أو الانتقال بوصفه أي القفز أسرع وأنجع وغالبا ما يأتي كعلاج ناجز وحاسم وعن قناعة تامة بعد طول انتظار وترقب، على عكس التجاوز الذي كثيرا ما تواجهه العثرات وتكتنفه العقبات. رب قائل كيف قرأت الدعوة وبكلمة أخرى ما هي تجليات التفاؤل بتحقق حلم إعلان كيان فيدرالي واحد.. مواطن خليجي واحد بمصالح وتطلعات بل توجسات وهموم مشتركة. بالطبع هذا الاستنتاج أو القراءة (المتفائلة) لم تتأتى عن تخرصات أو توهمات بل على وقع إرهاصات وأصداء ردة فعل جل الخليجيين بمختلف شرائحهم وأطيافهم أو هكذا يفترض الاستقراء العلمي تأسيسا على قاعدة جملة من المتغيرات والأحداث. ما أود التذكير به في هذا الوارد أن أي قرار أو مبادرة إذا ما أريد التعرف على مدى أو درجة تحقيقه لا بد أن تتوافر فيه ركيزتان أساسيتان؛ المصداقية والمقاربة ونعني ها هنا بالمصداقية انه كلما كان صاحب القرار على درجة من الصدق كان القرار اقرب للتطبيق الفعلي. أما المقاربة فالمقصود بها مدى (إلحاح) الحاجة لذلك القرار أو التوجه بمقتضى الظروف المحيطة والحسابات الراهنة. فلنقرأ القرار سويا وبموضوعية وعلى نحو لا يرقى للتأويل أو يشوبه التشكيك وربما التزلف واستطرادا سوء الفهم.. نقول لو صدر هذا القرار من قائد دولة محدودة المقدرات لقيل (من قبل المشككين على الأقل) بأن الهدف هو إشراك الدول الأخرى لفك عجز هذه الدولة وهنا تنتفي أهمية القرار وجدواه وبالنتيجة مصداقيته. وفي الإطار، لو تبنت القرار دولة اقل جاهزية لجهة البنية العسكرية لربما تم تأويله أو قل تحويره على أنه لغرض (الاستقواء) بالدول الأخرى. أما أن يأتي القرار من السعودية التي حباها الله بوافر من الثروات وذات عمق استراتيجي وثقل سياسي ليس على صعيد دول الخليج وحسب بل على المستوى الإقليمي والعالمي.. وممن؟ من قائد ملهم يقر بصدقه وصراحته وحكمته الأعداء قبل الأصدقاء، هذا عن المصداقية الركيزة الأولى وإن شئت النصف الأول من مقومات الدفع بتطبيق القرار. أما الركيزة الثانية وهي مقاربة القرار فالمقصود الوضع الجيوسياسي لدول الخليج، فكما هو معلوم الأحداث المحيطة والمتغيرات العاتية المتسارعة تمور بنا ونمور بفلكها فالتحديات والأطماع بل والتهديدات لم تعد مقصورة وجلية على دولة أو نظام (إيران) حصرا فثمة دول ذات خطورة كامنة قد تنشط وتهدد دول الخليج فتفشي الحركات المسلمة أو (المتلحفة تذرعا) بوشاح الاسلمة إن صح التعبير في ليبيا وغيرها يشكل خطرا على المنطقة، فما نسمعه ونقرأه من خطابات هنا وهناك ضد الخليج بعضها قوى وصلت لسدة الحكم وبعضها قاب قوسين أو أدنى.. كل ذلك وغيره يستدعي أكثر ما يستدعي وبشكل عاجل تلاحم مواطني دول الخليج لناحية قادتهم، وبالتوازي وفي الآن نفسه تلاحم وإتحاد دول الخليج.. بقي أن نقول كل الدلائل والتجليات بل المسوغات (تصرح) بأن الاتحاد قريب لم يعد مجرد أمنية أو حلم بل ضرورة حتمية لا محيد عنها، فخيوط التلاحم والاتحاد مكتملة متوافقة ومتسقة ولم يتبق سوى نسجها.

ميزانية الأمان الوطني

لا تزال أصداء بشائر الميزانية تصدح في أفئدة ومشاعر كافة المواطنين. محدثة إضاءات من البهجة ومدشنة فيضا من التفاؤل والاطمئنان بامتداد مسيرة التقدم لأعوام مديدة بمشيئة الله. إذ لا شيء يطمئن المواطنين أكثر من حرص خادم الحرمين الشريفين شخصيا على تحقيق الأمان التنموي لكل المواطنين في شتى بقاع المملكة . فتأكيده ـ حفظه الله ـ على التنفيذ الدقيق والمخلص للميزانية وحرصه على المتابعة .. متوجا ذلك بإنشاء جهاز داخل الديوان الملكي مهمته التأكد من تنفيذ الأوامر والقرارات بكل دقة، وهو لا ريب تعبير صادق وعملي من لدن خادم الحرمين الشريفين.. كل ذلك وغيره الكثير يؤكد أن المواطن هو الهاجس الأهم لدى خادم الحرمين الشريفين بوصفه عماد الأوطان، وقبل أن نخوض بقراءة الميزانية بإطارها المادي والتنموي، لا بد من التطرق وإن باختصار لأبعادها النفسية والاجتماعية، بوصفها المحرك الرئيسي للبشر. والرافعة لمدارج الرقي في شتى المناحي والصعد. فلا ريب أن الجميع شعوبا وحكومات تأثروا بالأزمة المالية العالمية وطبعت لديهم خوفا وتوجسا لما ستؤول إليه أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية. ففي ظل تلك المتغيرات (العاصفة) لجأت الكثير من دول العالم لتقليل المصروفات وتقليص المشاريع إن لم نقل إرجاؤها في أحسن الأحوال بينما فاجأت الميزانية السعودية الكثير من المحللين باستمرارية الصرف على المشاريع وفق سياسة مالية عريضة في الإنفاق الحكومي بهدف تحقيق التقدم والرفاهية المستدامة.. وفق معايير وأجندات حسابية دقيقة. إن ما يميز ميزانيات المملكة بشكل عام (الحالية والفائتة) ارتكازها على استراتيجيات ذات أبعاد وأطر مدروسة وممرحلة بعناية وموضوعية تراعي بالدرجة الأولى المواطن وتركيبة المجتمع ومكوناته الإنسانية والبنيوية. فخططها ترسم للحاضر دون أن تغفل المستقبل واستشراف متطلباته، فتبقى ملبية لحاجات المواطن وتحقق إشباعاته على المديين القصير والبعيد. كما تكرس في الآن نفسه وبالنهج ذاته لاستمرار مسيرة التنمية بمفهومها العريض والشامل. وبما أن التعليم والصحة أهم المرتكزات على الدوام فقد تم تخصيص نحو 168.6 مليار ريال لقطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة وفي السياق تم تخصيص ( 68.5 ) مليار ريال لقطاع الصحة والتنمية الاجتماعية، لا شك أن هذا المعطى يأتي عن قناعة راسخة بأهمية ترتيب الأولويات.. بحسبان الخدمات والمشاريع تتباين في مدى حاجاتها ودرجة أهميتها فترتيبها حسب أولوياتها ومدى إلحاحها وتماسها بالمواطن له أكبر الأثر على العائد النفعي للمواطن ومكتسبات الوطن، بشكل مباشر. كما تجدر الإشارة إلى أن الميزانية وكما عهدنا من لدن حكومتنا الرشيدة لم تغفل أصحاب الفاقة والعوز على قاعدة تأصيل الاهتمام بالجانب الإنساني. فتضمنت من جملة ما تضمنت دعم زيادة المخصصات السنوية بالميزانية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة. وفي الإطار العمل على اختصار وتقليص الحيز الزمني للقضاء على الفقر.. واستتباعا دعم صناديق التنمية وبرامج التمويل بحصة قدرها 440 مليار ريال. يبقى القول إن فرحتنا بالميزانية لهذا العام مضاعفة كونها أكدت كفاءة الاقتصاد السعودي ومتانته وتجلى ذلك أكثر ما تجلى في مقدرته على استيعاب المتغيرات وامتصاص الأزمات .. وليس خافيا أن استمرارية الإنفاق الحكومي يمثل استمرارية جاذبية القطاعات الاستثمارية بشكل عام الأمر الذي يزيد من متانة الاقتصاد السعودي ويكرس مزيدا من الثقة بكفاءته. وديمومته يبقى القول كل المؤشرات والدلائل (تفصح) بأن ميزانية هذا العام تستوعب تلبية معظم احتياجات المواطنين أو قل أهمها على أقل تقدير. السؤال المحوري هل نرى اشراقات تنبئ بتجليات ذلك؟ الجواب لدى كل مسؤول أنيطت إليه أمانة تفعيل وترجمة رؤية القائد وتوصياته إلى واقع يتلمسه ويرفل بنعمائه الجميع وما ذلك على الله بعزيز