الخميس، ١٦ أغسطس ٢٠١٢

قراءة الأحداث .. تحتم الاتحاد

لاجدال بأن «الذين يقرؤون حقا لا ينهزمون» والقراءة هنا تعني ما يمور بالمجتمعات من أحداث ومتغيرات تحتم القراءة الجيدة والاستجابة بمقتضى تمخضاتها وتجلياتها.. فمقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (الاستشرافي) يأتي وفق قراءة معمقة وممحصة لما يكتنف خليجنا من مخاطر محدقة لجهة النظام الإيراني الذي لم يكتفِ بالتهديدات ومسلسل التأجيج وما ينضوي بإطاره من تصدير الثورة وتأليب شعوب المنطقة بل قفز إلى ما هو أكثر من مجرد تهديدات التي اعتبرها البعض ولا يزالون صيحات جوفاء ولتكن كذلك أو لنقل لنسلم جدلا.. بتلك التخرصات رغم عدميتها!.. لكن كيف نفسر أو نقرأ التحركات الأخيرة وتحديدا زيارة قائد الحرس الثوري الإيراني لجزر الإمارات العربية في الخليج العربي والتي تأكد من خلال ما صاحبها من بث حي والتي تجلت لقطاتها عن حشد عسكري إيراني كبير ينبئ عن تشييد قواعد عسكرية إيرانية على أرض عربية قبالة دولة الإمارات العربية، هذا دون الحديث عن البوارج الإيرانية التي يغص بها الخليج العربي والتي لامست مياه عدن والبحر العربي، فماذا ننتظر؟.. ألا يعتبر ذلك في الأعراف العسكراتية إيذانا بدق طبول الحرب أو الاجتياح إن صحت التسمية، دعك من ذلك كله، ماذا نسمي تكالب الملالي (حكام طهران الفعليين) وتوسلهم شتى السبل والتدابير للحؤول دون تحقيق اقتراح الاتحاد الخليجي بحسبانه (وهم محقون في ذلك) يجعل دول الخليج حزمة قوية يستعصي كسرها عوضا عن أن تكون فرادى يسهل اصطيادها الواحدة تلو الأخرى.. الموقف جد خطير والأحداث المتسارعة تنذر بدنو اعتداء وشيك خصوصا إذا ما علمنا أن وضع إيران المتدهور إن لجهة العالم الخارجي وما يواجهه من عقوبات أو لناحية شعبه الذي ما انفك يصارع الفقر والعزلة فسندان الشعب ومطرقة العقوبات تجعل النظام الإيراني لا يتورع عن المقامرة، فلا مجال إذن للإرجاء أو التردد أو قل التقاعس إن جاز التعبير، فالجميع في قارب واحد ولا منجى لدولة دون أخرى فالحريق إذا ما اشتعل لا سمح الله فسوف يطال الجميع بلا استثناء، فالمخطط الإيراني الاستراتيجي لا يتجزأ وأطماع النظام والملالي لا تفرق بين أي من دول الخليج باعتبارها دولة واحدة!. محزن ومفارقة كبرى أن يعتبرنا النظام (الإيراني) وحدة واحدة ويتعامل معنا وفق هذا النسق بينما نحن لم نتفق بعد على الوحدة بمفهومها الواقعي والعملي وإن شئت لم نع مخاطر وتداعيات (تمطيطها) وتمييعها..
نتمنى أن تتفهم بعض دول الخليج أنه لم يعد ثمة وقت نبدده أو نعيره.. ولعلي أختم بالمثل الصيني الذي ينم عن قيمة الوقت بل وخطورة المراهنة عليه «مساحة إنش من الوقت هي إنش من الذهب لكن لا يمكن شراء إنش من الوقت بإنش من الذهب».

عـزاؤنا ... بـ« سلمان وأحمد »

بـادئ ذي بدء ليس بوسعنا ونحن نستـشعر الأسى والمصاب الجلل في وفاة فقيد الأمة الأمير نايف بن عبد العزيز غفر الله له إلا بالتضرع للمولى عز وجل أن يشمله برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته.
واقع الحال أن شخصية بهذه القامة لا يمكن حصر عطاءاته ومنجزاته إن على الصعيد الداخلي أو الخارجي خصوصا إذا علمنا أنه تسنم أول منصب (وكيل إمارة الرياض) منذ كان عمره ثمانية عشر عاما وتدرج في تقلد المناصب حتى تم تتويجه وليا للعهد ومذاك وعلى امتداد تلك السنوات وخضم ما اعتراها من متغيرات شق سموه عباب بحر متلاطم يضج بالتحديات العاتية مبحرا بسفينته إلى الأمان والسؤدد.
بقي أن نقول إذا كان المصاب جللا بحجم رحيل (نايف) فقيد الوطن وقاهر الملمات فليس من اليسير التحكم بوطأة الحزن وتداعياته ربما لأمد إلا في حال استقبلت خبرا سارا ومغبطا يوازي حجم المصاب وهاهو خادم الحرمين الشريفين كعادته حفظه الله بنثر المباهج يزف لنا أمرا ملكيا بتسمية الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا جديدا للعهد خلفا للأمير الراحل نايف بن عبد العزيز غفر الله له، والأمير أحمد وزيرا للداخلية.. لن نخوض مطولا لسرد إنجازات ومآثر الأمير سلمان المتكاثرة والممتدة لعقود فالحيز لا يتسع لأنك إن أسهبت في التحدث عن منجزاته ومواقفه لا بد أن تستوفي، وهذا ما يعجز اليراع عن تدبيجه فبصمات سموه ممهورة على مجمل مسيرته العملية فهو بحق (معترك المهمات) فيكفينا أن نقول إن سموه قارئ نهم، إداري حصيف، صديق للفقراء والمعاقين، نصير للمنكوبين، عراب للبر والخير.. الجدير بالذكر أن كل صفة تجعل صاحبها ملهما بالعطاء خليقا بالوفاء، فما بال الأمر لو امتزجت بـ (سلمان) لا ريب تتوجه بجدارة وسام رجل دولة بكل ما تعنيه الكلمة من معان ودلالات.
مغزى القول: إن ما يبعث لتعزيز الولاء أو (تكريسه) إن صح التعبير لهذه الأسرة الكريمة هو نفحات الأخوة والشفافية والوفاء والحكمة الوارفة التي غمرتنا بعبقها ففي خضم حزننا بتوديع الأمير نايف أحد أركان الحكم رحمه الله استخلفه أخوه سلمان حفظه الله وهو أيضا من أركان الحكم وما أحوجنا لهذه الملحمة من التعاضد والإنسانية فتوقيت تولي الأمير سلمان لهذا المنصب هام ودقيق بل ومفصلي فالمملكة كما نعلم جميعا أصبحت رائدة وفاعلة في مجمل القضايا وتمخضاتها على الصعيدين الإقليمي والدولي وبمقتضى هذا الدور الريادي الذي اكتسبته بجدارة عبر عقود مناط بها المشاركة في صنع القرارات الدولية وفي السياق والآن نفسه تظل مكانة المملكة في طليعة الدول الرصينة رافعة علمها شامخا مرفرفا على خارطة العالم، إلى ذلك عندما يجيء رجل ملهم بقامة (سلمان) امتزجت فيه المقومات والخبرات اعترك المهمات ليتبوأ منصب النائب الأول فذاك دليل على حكمة خادم الحرمين صاحب القرارات المكينة الصائبة في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب وهو ما اتسقت عليه توقعات شتى فئات المجتمع فالجميع كان يترقب هذا القرار الصائب.. صفوة القول: نسوق بيتا من الشعر لعل فيه ما فيه بعض من خصال الأمير سلمان ..
يذرف الدموع عندما تكون ترياقا يطببه من الملمات ... ويذرفها مدرارا حين يرى مسكينا فارقته المسرات.
نسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا ويوفق ولاة أمورنا ويحفظهم بحفظه ويكلأهم بعينه التي لا تنام وبعزه الذي لا يضام، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

«المدير» هو بيئة العمل

يندرج تحسين بيئة العمل ضمن ما يعرف بـ(التنمية المستدامة) فكلما كانت بيئات العمل جاذبة ومستقطبة كان العطاء والربحية ذا سقف أعلى ومستدام، فثمة علاقة طردية بين بيئة العمل والإنتاجية وهذا يقودنا لسؤال بدهي.. هل العنصر البشري هو من يصنع بيئة عمل صحية تنعكس بالضرورة على عطائه.. أم بيئة العمل هي التي تضفي على العاملين روح المبادرة بالعطاء ؟.. سؤال جدلي على غرار (البيضة أم الدجاجة)، وحتى لا نفتح المجال لسجالات وتخمينات قد تجول بنا ونعود إلى ذات الجدلية.. أقول إن بيئة العمل هي المحور والركيزة الأساسية بوصفها (موردا ثابتا) أو هكذا ينبغي أن تكون بمقتضى محددات التنمية المستدامة، أما العنصر البشري فهو متغير وأقصد هاهنا الفروق الفردية.. فالولاء والانتماء والأمان الوظيفي والشعور بالرضا (الحوافز بدل السكن التأمين الطبي والإجازات السنوية) ونحو ذلك من معطيات تحفيزية تنشط (ميكانيزمات) الموظف فالبيئة هي التي تصنع الكفاءة أو تحرضها إن وجدت وليس العكس.. فالاهتمام ببيئات العمل أصبح ضرورة ملحة وبلمحة سريعة نجد أن (نطاقات) و(حافز) ساهما بسياق أو آخر على حل مشكلة البطالة على المدى القريب في الوظائف الدنيا في السلم الوظيفي للمنشآت. إن التحدي الأكبر يتجلى أكثر ما يتجلى في مدى استيعاب مخرجات 23 جامعة فضلا عن المبتعثين، لاريب أن تلك المخرجات تتدفق بفيض من الكفاءات العلمية التي تحتاج إلى بيئات صحية تترعرع بها كي تؤتي مفاعيلها نفعا يعم الوطن وبمقتضاه لا مناص بل من المحتم إيجاد بيئات تحتوي هذه الطاقات (المتوالية) وتفعل عطاءاتها.. لكن كيف؟، وما هي الآلية لتحقيق ذلك؟، أقول إن الركيزة الأهم وإن شئنا الاختزال (البيئة) هي المدير أو القيادي في هذه المنشأة أو تلك المنظومة (فالمدير) وبكلمة أوضح هو البيئة بالمعنى العلمي والعملي باعتباره إما مستقطبا أو طاردا.. ملهما أو محبطا فكلما كان المدير أو القائد قادرا على تكريس الولاء المطلق لدى منسوبيه للإدارة أو المنشأة فسوف يكون العطاء والربحية أكثر، ويتجلى نجاح المدير في تصاعد وتيرة الإنتاجية أو استقرارها وفق السقف المبتغى.. نخلص مما تقدم إلى أن بيئات عمل ملهمة تعني مديرين وقياديين أكفاء وعلى درجة من المواطنة الحقة والصقل العلمي والعملي الضافي فوزارة العمل بالشراكة مع وزارة الخدمة المدنية ووزارة التجارة والغرف التجارية ومعهد الإدارة معنية بهذا لإمداد السوق بكوادر قيادية تنهض بشبابنا وتوطن الوظائف وليس العكس.. فهذه المسألة تحديدا لا تقبل القسمة على اثنين.

آفاق الطموح

قال أهل السير في ترجمة عبد الله بن خازم السلمي: أنه كان يضرب به المثل في الشجاعة والنجدة وكان مع ذلك يخاف من الفأر أشد مخافة حتى قالوا إن عبيد الله بن زياد أراه (جرذا) فأضحى عبد الله بن خازم مثل (الفرخ) وأصفر لونه خوفا كأنه جرادة، فقال ابن زياد : إن ابن خازم يعصي الرحمن ويتهاون بالسلطان ويمشي إلى الأسد ويلقي الرماح بوجهه والسيوف بيده ويخاف من الجرذ أشهد أن الله على كل شيء قدير... 
مناسبة استدعاء هذه السيرة الملهمة معطوفا على رسالة وردتني هذا نصها: كنت مرشحا بل قاب قوسين من تسنم إحدى الإدارات الخدماتية لدرجة أنني وعدت زملائي بوليمة بهذه المناسبة وصعقت عندما رشح زميلي الأقل خبرة مني وإن كنا أنا وهو متقاربين في الدرجة العلمية علما أن سيرتي الذاتية ناصعة ولم يطالني يوما لفت نظر أو إنذار ولا حتى غياب بدون عذر، وأرى أني أجدر بهذا المنصب، ومؤكد أن في الأمر محسوبيات أو ليس الخبرة والكفاءة هما المعايير الأساسية للارتقاء وتبوؤ المناصب؟». انتهت الرسالة..
سوف نحسن الظن وإن ضمنا ونستبعد (المحسوبيات والمناطقية) البغيضة ونضعها جانبا لكونها تبعدنا عن ما نحن بصدده ونتوه بجدليات وسفسطات عدمية إلى ذلك وتوسلا بالموضوعية بمقتضى معايير المفاضلة الحقيقية وإن شئت المفترضة.
نقول للمرسل الفاضل: إن الكفاءة والاقتدار ليس بما تراه عن نفسك بل بما يراه الآخرون فيك، ولعله من المناسب استحضار قول أبي الطيب : 
«كدعواك كل يدعي صحة العقل ... ومن الذي يدري بما فيه من جهل».
فثمة مثالب وسلبيات وربما قصور لا يراها الموظف عن نفسه أو قد لا يستشعر بتداعياتها التي ربما تطغى على مالديه من مقدرات وإمكانيات.. فمن الخطأ التعويل أو الاعتقـاد بأن المؤهل والخبرة هما سلالم الارتقاء بالمطلق فهناك (ميكانيزمات) غاية في الأهمية كأريحية التعامل والحصافة في اتخاذ القرارات واستقامة التفكير وحسن القصد والطوية وغيرها لها أرجحية بل يجب أن تكون كذلك، فما جدوى أن يقلد صاحب المؤهلات والخبرة منصبا قياديا بينما هو (غض الإهاب) غير مفوه ولا يعرف أبجديات التحاور مع مرؤوسيه أو لنقل شخصية متغطرسة !، وهذا لا يعني ويجب ألا يعني أن الخبرة والدرجة العلمية في ذيل قائمة ركائز ومقومات القيادة بل غاية المقصد يتعين امتزاجها بالمهارات المذكورة وإلا فقدت خاصيتها وباتت مجرد أرقام ودرجات سدى لا تعبر عن مكنوناتها، ودلالاتها خصوصا إذا علمنا أننا في زمن الأبواب المشرعة والأقنية الرحبة ولا مكان للانكفاء والفوقية..
بقي القول إن سر النجاح وأقنومة الولوج برحابة ليس فحسب لدهاليز منظومات العمل بل في مجمل الحياة العملية هو استدامة التعلم واكتساب مزيد من المهارات بتضاعيفها لأنه بمجرد الاتكاء والاكتفاء بما لديك من مؤهلات وخبرات مهما عظمت دليل أو مؤشر على الفشل أو قل مآله.. مطلق الأحوال ليس هناك نجاح مطلق ولا تفرد مستدام.. ويبقى الطموح هو الديدن للسير قدما لبر الأمان وإن طال الزمان.

دروس في الإدارة

الدرس الأهم الذي يجب أن يعيه ويدركه جيدا كل مسؤول تشرف بتقلد المنصب، أن عهد ترحيل الأخطاء والإهمال، دعك من اختلاق المبررات الواهية، قد أزف وما عاد خشبة الخلاص، فمتابعة المنجزات والمشاريع على مرأى وترقب من خادم الحرمين الشريفين شخصيا وبعيون ومشاعر الأب الحاني على شعبه الحريص على مقدراته، وبكلمة أدق بأياد أمينة، من جديد لم يعد كرسي المسؤولية وثيرا ومغريا، وأزعم -وهذا المفترض- أنه ليس هناك من يتطلع أو يطمح ولنقل (يطمع!) لتسنم المسؤولية إلا من يتوسم ذاته وبما لا يدع مجالا للشك بأنه جدير بها، وأهم أبجديات الجدارة هاهنا النزاهة وحسن القصد والطوية، فالجلوس بمنأى عن المنصب بات أفضل بكثير من مغبة (الإعفاء) وتداعياته.. ثمة درس إداري محض (ملهم من لدن خادم الحرمين الشريفين) لا يمكن إلا أن نتوقف عنده مليا والاستفادة منه، وأخص كل من تقلد شرف زمام المسؤولية أنه لا جدوى من توزيع الأخطاء والتقصير هنا وهناك فلا منجى من التبعات، وبكلمة أوضح لا مناص من إصلاح وتقويم الجهاز والقائمين عليه، فمسألة أن مثالبهم وأخطاءهم تخصهم واستتباعا تطالهم وحدهم غير واردة فمردها (مرمى) المسؤول الأول لأنه لم يحسن التدبير بتقويم هذا الموظف واستطرادا لم يعاقب أو حتى يكف يد إهمال وتسيب ذاك وبالنتيجة تتراكم الأخطاء، فتتمخض عنها خطايا وربما كوارث وحسب قول المتنبي (ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام).
وقبل أن نختم، تجدر الإشارة إلى أن من جملة الدروس الإدارية المهمة لهذا المنحى وإن شئت الموجبات هو تقليص المحسوبيات وغيرها من سلوكيات مقيتة لطالما عشعشت في ردهات بعض كي لا نقول جل منظومات العمل وعاثت بها فسادا مقيما.. كيف تنحسر وتتقلص؟ بحكم أنها أخطر تجليات الفساد بمختلف تضاعيفه فالانسياق بمنعطفاتها أو حتى مجرد التعامي عنها يجر المسؤول للوقوع في براثنها من حيث يدري أو لا يدري التي قد تصل لإعفائه من منصبه وبمقتضاه فلا مجال للمجاملة أو الإغفال والإغماضة ولا مكان للتقاعس والإنكفاء، (فالفاتورة) مكلفة وتبقى النزاهة وحسن الطوية والإخلاص الهدف والغاية الأسمى لكل من يتشرف بتسنم المسؤولية..
نختم بالقول صحيح أن تقلد المناصب لم يزل يبعث على الاعتزاز والغبطة، لكن الأصح والأكثر غبطة وإكبار النجاح في الموقع وملؤه تفان وعطاء ولا أقل من التعلم واقتناص العبر.

غيمة سوداء .. وتنجلي

لعله من المناسب في هذا الوارد استدعاء قول جان روسو «إننا لن نصبح (بشرا) إلا إذا أصبحنا مواطنين» .. فبمقتضى هذا المفهوم ربط روسو الإنسانية بالإنسانية، ودلالاتها باقتفاء تلابيب المواطنة الحقة. وبكلمة أوضح لا يمكن أن يكون الكائن بشرا ينبض بالإنسانية دون أن يكون مواطنا. وأبسط أبجديات المواطنة المحافظة على مكتسبات الوطن ومقدراته والذود عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وأي إخلال بهذا النسق أو خرقه أو حتى (التقاعس) تنتفي معه المواطنة، واستطرادا تنزع عنه الإنسانية بالمطلقة.
فما حصل في القطيف من محاولة حرق مركز شرطة وعقبه حرق مبنى المحكمة العامة دليل لا يقبل الجدل أن من اقترفوا هذه الأعمال الإجرامية الغاشمة لا يمتون إلى المواطنة في شيء وليس لهم من الإنسانية نصيب، لأنهم لو كانوا يحملون بطيات أجسادهم وجوارحهم جزءا يسيرا من المواطنة لاستفاقوا وأيقنوا أن ما قاموا به يتنافى ومبادئ الأديان وليس فحسب ديننا الحنيف. فشتى الأديان والأعراف بتفرعاتها الطائفية والمذهبية تحرم التخريب وزعزعة الأوطان، وبمقتضاه لا يمكن وصف هؤلاء الشرذمة إلا أنهم خارج إطار الإنسانية.. وحسنا فعل رجل الدين الشيعي وجيه الأوجامي أحد رجال الدين في القطيف برسالته التي وجهها لأهالي القطيف عبر (الاقتصادية) فحواها (ما يجري في القطيف على أيدي أبنائها لا يقول به عقل ولا دين ولا وطن.. وفي السياق ها هو الشيخ الجيراني قاضي دائرة الأوقاف والمواريث في القطيف يؤكد أن أمن الوطن من الواجبات وأقدس المقدسات وهو أمانة بيد الجميع، وغيرهم كثر.. وهذا ليس بمستغرب على رجالات الدين الشيعة الذين يدينون لهذا البلد بالمواطنة الحقة والولاء الصادق الذي لا تزعزعه قيد أنملة أبواق المرجفين وتتكسر على صخرته تأليبات المحرضين والمتربصين.. فهذا هو عهدنا بهؤلاء الشرفاء مشايخ ومواطنين فهم ولاريب إخواننا بالإنسانية ويشاطروننا المواطنة وهذا كفيل بأن يجعلنا جميعا (لحمة) ويدا واحدة لحفظ أمن هذا الوطن واستقراره..
من جديد أشيد بهؤلاء (المشايخ البررة) رغم أنني أعلم ويعلمون أن ما فعلوه واجب يمليه عليهم دينهم ومواطنتهم الحقة، وهذا أقل نزر الوفاء.. ونتطلع إلى المزيد من تلك الرسائل والخطب والمحاضرات لعلها تزيل غبش الضلال وتكنس غبار التيه عن بعض المتورطين أو قل المغرر بهم ويعودون لصوابهم ورشدهم وإلى حيث كنف المواطنة الخالصة الصادقة. أما من تجبروا وأمعنوا في غيهم فبالتأكيد سوف يعلمون أي منقلب سينقلبون.. نسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلدنا ويجنبه كل سوء.

«كارزما» المدير

أزعم أن الكثيرين يجهلون ما هية ودلالات هذه السمة أو الوصف أو الاصطلاح سمه ما شئت.. فالبعض يطلقه على الشخصية التي تتمتع بالوسامة أو الوجاهة وقيافة المظهر أي لكل ذي طلة أخاذة وجذابة، وبمعنى من المعاني المظهر الخارجي.. واقع الحال ليس من الحكمة ولا من رجاحة التفكير وصف هذا الشخص بالكاريزمي دون أن ننال شيئا من تفوهه وحواره وأفعاله بل سمته وسيرته. وإلا صحت عليه التسمية كاريزمي الشكل أو كاريزمي لحظي.
عموما لا يوجد شخص كاريزمي بالمطلق فالكاريزما هي صفة يسبغها الموقع والزمان وقوامها السلوك والاستجابة وبمقتضاها قد يكون شخص ما (كاريزمي) في موقع وعادي في موقع آخر وكاريزمي في زمن وعادي في زمن آخر ونخلص بأن الكاريزما هي مقومات وقدرات تترجم لسلوك واستجابات تحقق النجاح وفق معايير أهمها المهارة في كسب محبة الآخرين وإعجابهم بدليل أنك لا يمكن أن تطلق هذه الصفة إلا لجهة شخصية تودها وتنقاد إعجابا بها، وبما أننا بصدد الحديث عن (كاريزما الإدارة) فيحسن بنا التنويه أن الشكل والهيئة الشخصية ليستا على درجة من الأهمية لاقتفاء وتلبس الكاريزما وهذا لا يعني إغفال الاهتمام بالمظهر والقيافة لكن غاية المقصد لا يعول عليه أو يعتد به كمعيار وإن كان ذا وهج وبريق قد يستقطب الإعجاب ويسترعي الاحترام لكن هذا في المستهل فقط.. نعود للمقومات الأساسية التي تجعل هذا المدير (كاريزمي) دون غيره وهي كما أسلفنا القدرة الفائقة على كسب إعجاب المرؤوسين واحترامهم وتاليا التأثير فيهم فهناك نظرية تقول لا يمكن أن تحصد احترام الآخرين لناحيتك دون أن تغرس فيهم بذور احترامك لهم لكن كيف أي ما هي الآلية التي يتوسلها المدير للوصول لهذا المنحى ؟، قد يقول أحدهم وبشيء من السخرية هل تتجلى بمصافحة المدير لمرؤوسيه وتوزيع الابتسامات عليهم !، بالطبع لا فبهذا الأسلوب قد يجني استهجانهم وتندرهم.. وربما التسفيه.
غاية الأمر الإنصات لهم وسماع شكواهم ومعايشة همومهم الوظيفية أيا كانت أو مهما تراءت له أنها بسيطة وغير ذات بال وبالتوازي (الاستجابة الفعلية) بمعنى السعي لتحقيق ما يمكن تحقيقه من تلك المطالب فكون المدير يستشعر معاناة مرؤوسيه ويحاول جاهدا تحقيقها ما استطاع إلى ذلك سبيلا فذاك كفيل بكسب محبتهم واحترامهم .. رب قائل يقول: وهل يعقل أن مجرد أن ينصت المدير لموظفيه ويجتهد بتحقيق حقوقهم ( المكتسبة ) يضفي عليه صبغة الكاريزما ؟، أقول إن هذا المعطى ليس بالشيء الهين كما يتبدى للبعض للوهلة الأولى فهو يعني من جملة ما يعني أن هذا المدير يشرع بابه للجميع ولا يستثني موظفا دون غيره كما يتمتع بأريحية وكياسة وتواضع جم فضلا عن أنه يشارك موظفيه همومهم ويقاسمهم معاناتهم ويكرس وقته وجهده لاستقبالهم والتحاور معهم ومناصرتهم لتحقيق متطلباتهم وإشعارهم بأهميتهم دون النظر لمراتبهم ومؤهلاتهم وغيره الكثير مما لا يتسع
ذكره.. ألا يكفي ذلك لاحترامه بل وتبجيله واستتباعا ترجمة ذلك لعطاءات وإنتاجية بلا حدود.. هذه هي الكاريزما الإدارية الحقيقية لمن أراد اقتفاءها وارتداء جلبابها، وبالتأكيد سوف يوصم بها عن استحقاق وجداره حتى وإن خلع (مشلحه) وتخلى عن طاقم (القهوجية) ودخون العود.

الهديـة ترضيـة أم توريـة !؟


وددت أن أجسر العلاقة مع زوجتي وأزيل الفتور والرتابة حيث أمضينا قرابة أربع سنوات من زواجنا ففاجأتها بهدية وفوجئت بعدم ابتهاجها بل لاحظت عليها قلقا ممزوجا بالشك والريبة!، ولما سألتها عن استجابتها الغريبة.. قالت: ما مناسبة هذه الهدية ؟، فأجبت على الفور: هل من الضروري أن تكون هناك مناسبة لتقديم الهدايا بين الزوجين ؟، فقالت بشكل مباشر: تريد أن تتزوج.. صارحني.. كانت الصدمة قوية فهدفي مقاربة العلاقة الزوجية وإذا بها تفكر بالعكس تماما فبدلا من أن تفرح باتت (الهدية) بعبعا يهدد حياتنا الزوجية.
المهم حاولت أن أقنعها بحسن نيتي ولكن دون جدوى وعلمت فيما بعد أن لها قريبة كان زوجها يغدق عليها بالهدايا واكتشفت أنه متزوج عليها.. المهم قررت ألا أهديها وأريح نفسي.. انتهت الرسالة.
لا ننكر أن ثمة أزواجا يتوارون بتقديم الهدايا لزوجاتهم لإخفاء أخطائهم وربما خطاياهم لكنهم بالتأكيد قلة إذا ما قيسوا بالذين يقدمون الهدايا لزوجاتهم بغية استمالة التودد وتعزيز المحبة.. مشكلة الكثير من النساء أنهن يقسن على غيرهن إن قريبات أو صديقات وفاتهن أن لكل علاقة زوجية فروقا ومتغيرات فريدة وإن شئت استثنائية لا يمكن بحال سحبها أو العمل بمقتضاها، أضف إلى ذلك أن مفهوم الإهداء لدينا مغلوط إلى حد بعيد فالمتعارف عليه أو المألوف إن صح الوصف أن الهدية تقدم للزوجة في حالة إرضائها أي (ترضية) نظير زعلها من الزوج فأضحت الهدية وفق هذه الثقافة إما ترضية لتبديد زعل الزوجة أو تورية للزواج عليها !، وغاب المفهوم الحقيقي والمفترض لهذه القيمة التي غايتها الأسمى تكريس المحبة ولا أدل على ذلك من قول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام «تهادوا تحابوا» ، بقي القول لنفرض جدلا صحة حدس الزوجة وحصافة استشعارها بأن الهدية المقدمة من زوجها تخفي وراءها ما تخفيه فبإمكانها أن توظف ذلك لصالحها أي تلعب الدور بشكل إيجابي كأن تظهر بهجتها وسعادتها بل وتغيير سلوكها ومراجعة تصرفاتها مع زوجها فقد تكون الهدية منطلقا لإزالة بعض الرواسب وربما تقصيرها لجهة زوجها، وما يدرينا فبمقتضى هذا التغيير قد يعدل الزوج عن فكرة الزواج كلية.. وهذا يؤكد من جديد أن الهدية لها مفعول السحر لترسيخ المحبة وترميم العلاقة إذا ما أحسنا النوايا وابتعدنا عن الهواجس وإساءة الظن.

لعبة المرأة رجل !!


نفهم أن يتعاظم الابتذال وتضج به شاشات المسلسلات الرمضانية عام بعد عام كما نتفهم وإن بسخط واستياء ان معايير جودة الأعمال الدرامية (جُلها) كي لا نقول كلها هو تحقيق المكاسب حتى لو كان على حساب القيم المجتمعية عزاؤنا إن ذلك يسيء للقائمين على تلك الأعمال ويحط من قيمتهم الفنية واستطراداً شخوصهم وإن بعد حين .. لكن ما لا نفهمه ولا يمكن التغاضي عنه أو تمريره هو الإساءة للمجتمعات فمسلسل (لعبة المرأة رجل) يسيء لمجتمعنا السعودي فقد أعلن منتجوه دونما مواربة أنهم يسردون قصة تجري داخل المجتمع السعودي وبشخصيات سعودية صريحة فالأحداث والمواقف تظهر المجتمع السعودي بشكل يناقض الواقع فالنساء يرتدين الملابس الضيقة ويخالطن الرجال في شتى الأماكن بصورة فاضحة ومبتذلة وإن شئت ماجنة أما الرجال فلا هم لهم إلا الإنجرار وراء ملذاتهم .. لن نعتب على المخرج (الأردني) إياد الخزوز وفي السياق لن (نستهجن !) من المغربية ميساء مغربي عتبنا على المنتج الإمارتي الذي موّل العمل الذي يسيء لدولة شقيقة لدولته .. لست بصدد تبجيل المجتمع السعودي وتنئيته من المثالب فهو مجتمع فيه ما فيه لكن ما صوره المسلسل مغاير للواقع ومسوف للحقائق وينم عن إساءة متعمدة ومباشرة هذا دون الحديث عن اللقطات الفاضحة لغرض الفتنة ليس إلا ومتى في الشهر الفضيل ! فماذا نتوقع من هكذا ( دميّ ) تحركها مصالحها وربما نزواتها دعك من ضغائنها ... حسناً فعلت الكويت الشقيقة فقد قاطعت (ميساء) ومنعتها من الدخول لمجرد أنها أساءت للمسرح الكويتي في تحقيق صحفي ! لاحظوا أساءت
( للمسرح ) الكويتي وليس (للمجتمع) الكويتي علماً أنها اعتذرت وصرحت تكراراً عن أسفها وندمها ولكن ذلك لم يشفع لها وبمقتضاه ألا يحق لنا المطالبة برد الاعتبار لمجتمع بأكمله وأقله مقاضاة القائمين على هذا العمل وإلا سوف يتمادون هم ومن على شاكلتهم لتشويه صورة مجتمعنا . 
هب أنني ومن هذا المنبر قذفت أو خدشت الممثلة ميساء هل تفوت ذلك ؟ بالتأكيد لا .. إذن كيف سمحت لنفسها (وفريقها) الإساءة لمجتمع وتشويه صورته ؟ السؤال الأكبر والأهم هل نحن نسمح ؟ 

السبت، ٩ يونيو ٢٠١٢

سَفَر .. بلا « تنقيط !!»


بما أننا على مشارف الإجازة الصيفية وبما أن الإجازة تعني بالنسبة للسواد الأعظم رفع الستار لاستئناف مهرجان السفر وتحديدا خارج ربوع الوطن فلا ضير.. إذ ليس بوسعنا إلا احترام تلك الثقافة التي باتت بالنسبة للبعض حياة أو موتا، فما يهمنا في الراهن لجم ودحر بعض السلوكيات التي أضحت ثقافة هي الأخرى لجهة البعض (كالتنقيط) وهو ما جعلني استدعي مقطع فيديو آلمني واستفزني انتشر في مواقع «الانترنت» و «اليوتيوب» منذ قرابة سنتين بطله رجل خليجي يجلس بجوار أو تجلس بجواره (لا فرق !) مغنية في ملهى ليلي وخلال مدة العرض التي فاقت 10 دقائق لم ينفك الرجل عن (التنقيط) بشكل هستيري، وتساءل في حينه كل من استفزه المقطع: هل هو من رجال الأعمال أم شخص عادي ؟. واستطردوا.. إن كان مواطنا عاديا فمن أين أتى بهذه الأموال؟. أقول: إن هذا السلوك بمجمله لا يخرج عن إطار الأنماط الآتية:
• فإما أن يكون ثريا (لم يشق قيد أنملة لامتلاك تلك الأموال) وإلا لما أخذ يبددها بهذا الفرط واللامبالاة.
• وإما أن يكون موظفا عاديا لكنه استلب أو لنقل (نهب) هذه الأموال بطرق غير مشروعة وضيعها من منطلق ما جاء بالحرام يذهب بمثله.
• أو يكون مواطنا بسيطا يقترض من البنوك وغيرها فقط للتباهي الخادع والتورم الزائف.
بالمطلق فإن جميع هؤلاء يسيؤون لبلدهم ومجتمعهم فهم في أول المطاف وآخره يمثلون أوطانهم وهذا يؤكد أكثر ما يؤكد أن ما يقترفونه من سلوكيات تنأى عنها أبجديات الحرية الشخصية بوصفه سلوكا وضيعا يستفز ويخدش الجميع فهو هدر وتبديد عدمي للأموال بطرق غير مشروعة وبالعلن الفاضح وبكلمة (تبجح بالرذائل).. نقول للأول رجل الأعمال الجهبذ! : إن أقل القليل مما تمطره على الراقصات والغواني يسع الكثير من أبناء جلدتك فيسد رمق من عاثت بهم الفاقة وأعياهم العوز.. هذه مجرد توصية يجدر المبادرة بها طواعية كل من أوتي رزقا وفيرا وفي حال تماديهم وإمعانهم بالفسق جهارا ( أبوا إلا أن يتوحلوا في هذا المستنقع الآسن) لا بد من منعهم بالقوة.. أما الموظف العادي الذي يتمظهر في تلك الأماكن بأنه (فوق العادة) فلا بد من سؤاله: كيف تحصل على تلك الأموال؟، وتلك نحسبها فرصة لاقتناص متعاطيي الرشى وأرباب الفساد بتضاعيفه.. أما الثالث (المديون) فمؤكد أنه يحتاج لتأهيل وعلاج نفسي عاجل.. مغزى القول إن تلك الأماكن كالملاهي الليلية وما شابهها وإن كانت موبوءة فهي ترشدنا إلى حيث من يحتاجون لترشيد سلوكياتهم وعقلنتها بل (وأموالهم) أو تأديبهم إذا لزم الأمر.. وآخرون (الموظفون) يحقق معهم على قاعدة من أين لك هذا ؟، وفئة لا بأس بها يتعين احتواؤهم من مغبة المرض وتداعياته.. لاريب في أن هذه آلية لو طبقت فسوف تردع مثل هؤلاء الذين لم يفكروا في سمعة بلدهم وراهنوا عليه بملذات زائفة ونزوات رخيصة، فما يدرينا فقد يستدرك رجل الأعمال بمقتضى آلية الردع ويصحو من غفلته ويحول صنبور التنقيط لناحية المحتاجين من أبناء وطنه.. وفي السياق من غير المستبعد أن يتيقظ ضمير (المرتشي) ومن على شاكلته ويندم على سوء عمله، واستطرادا لن يكون هناك مبرر للاستدانة وتحمل القروض من أجل التنقيط طالما عزف عنها من استحوذوا الأموال!.. نتمنى أن يسن نظام حازم وصارم تدشن باكورته خلال هذا الصيف..
خير ما أختم به وأتِم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا. فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبينِ: قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا. لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه... ). فيجب رفض الفساد ومحاربته قبل أن يتحول لثقافة وممارسة طبيعية.. ولات حين مندم.

وادي حنيفة أنموذج


لم يعد دور الأمانات مقتصرا على تقديم الخدمات التقليدية فضلا عن نظافة البيئة وغيرها التي باتت مسلمات ومعطيات بدهية لا ترقى لجسامة مسؤولية الأمانات المبتغاة بمقتضى المتغيرات وإفرازات التحضر وتداعياته التي لاريب تلقي بظلالها وتمخضاتها على (سيكيولوجية) الأفراد والتي تتطلب من جملة ما تتطلب جرعات ترفيهية (مستدامة) تماهي أمزجة ورغبات شتى شرائح أفراد المجتمع وقد تفردت أمانة منطقة الرياض بهذا الجانب الترويحي إن على صعيد الفعاليات التي باتت مشاعة على مدار العام أو لجهة إقامة المتنزهات والحدائق ومضامير المشاة والمسارح وغيرها.. وها هي قد كرست مفهوم البيئة الطبيعية المستدامة بتدشينها مشروع وادي حنيفة الذي يعد من أضخم المشاريع والذي ساهمت فيه العديد من الجهات الحكومية وعلى رأسها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وقد حاز هذا (الأنموذج) على العديد من الجوائز العالمية الرفيعة كجائزة الأغا خان العالمية للعمارة وجائزة مركز المياه بواشنطن وغيرها.
جدير بالذكر أن إيجاد آلية التكافل بين الإنسان والموارد الطبيعية يستنبت العديد من التجليات الترفيهية خصوصا إذا ما علمنا أن الإنسان بطبعه يتوق للرفاهية الطبيعية أو ما يعرف (باستدامة تشييىء الموارد الطبيعية وأقنمتها) فتهذيب وادي حنيفة أو كورنيش الرياض كما يروق للبعض تسميته واستزراع الأراضي على ممرات المشاة وبناء العديد من أطرافه وتشييد المطلات أو (الشرفات)، إن صحة التسمية ساهمت في خلق بيئة ترفيهية متناغمة ومتكاملة، وقد أصبح أحد أهم المعالم ومقصدا لكثير من سكان المدينة بل ويستقطب العديد من أفراد مناطق المملكة وهذا يعني فيما يعني أنه مشروع يصب لجهة تنشيط السياحة بالمجمل، وفي الإطار تجدر الإشارة إلى أن من أهم تجليات هذا المشروع احتواء زخات الأمطار وتوظيفها في أغراض تصب في ذات المنحى.
نتطلع لإقامة مزيد من تلك المشاريع والكلام موجه لكافة أمانات المملكة وبلدياتها فوطننا المترامي يزخر بالكثير من الموارد الطبيعية التي تحتاج من يلتفت إليها أو (يأتلف) معها إن صح التعبير ويشذبها.
وأزعم أن جميع الجهات الحكومية ورجال الأعمال لن يتوانوا في تقديم المساندة لإدراكهم اليقيني أن تلك المعطيات الترفيهية تضفي عليهم بهجة وإطلالة جمالية ورفاهية مستدامة، وليكن وادي حنيفة أنموذجا معطوفا وباكورة انطلاقة تدشين العديد من المشاريع الترويحية في شتى بقاع المملكة.. عندها نكون قد دلفنا إلى مستهل طريق التنمية المستدامة.

طلاق من أجل الغطاء!!


نفهم أن بخل الزوج (المفرط) لجهة الزوجة قد يدفعها بطلب الطلاق ونقدر أيضا للزوجة إن هي طلبت الانعتاق من الزوج (لرعونته) وسوء أخلاقه! كما نتفهم ذات الغرض في حال أن الزوج عنف زوجته .. لكن ما لا نتفهمه ويستعصى استيعابه وتبريره أن الزوجة تطلب الطلاق (وتتطلق فعلا) لأن زوجها رفض كشف وجهها! المفارقة الأغرب وتستدعي الحزن أن تضحي بأبنائها مقابل ذلك .. تعالوا نقرأ الرسالة كاملة بتفاصيلها إلا من بعض (التنقيح) .. وهبني الله جمالا أخاذا لكنه تحول إلى نقمة لم أزل أتجرع تبعاته والسبب غلوائي (وتبجحي) بجمالي كان كل هاجسي وغايتي أن الجميع يرى جمالي .. غاية الأمر تزوجت (رجلا) بكل ما تعنيه الكلمة دمث الأخلاق حسن المظهر أنيس المعشر كريم .. كان لا يرد لي طلبا أنجبت منه طفلين كنا نسافر ثلاث مرات في السنة كان يوافق وإن على مضض بأن أكشف وجهي (أتحجب) مع بعض التحفظات وفي أوقات وأماكن معينة (خارج المملكة) كنت استشعر امتعاضه لكنه كان يتحامل على نفسه إرضاء لرغبتي على اعتبار أنه سلوك مؤقت لكنني تماديت ولا أخفيك بتحريض من بعض الصديقات إذ كن يتندرن باستهجان لعدم إظهار جمالي الأمر الذي زاد من إلحاحي على زوجي للموافقة على كشف وجهي في الأماكن العامة كان يرفض ومازلت أتذكر سؤاله الذي ينم عن حكمته واستقامة تفكيره ... لماذا تريدين أن تظهري جمالك ويشاع للناس .. ما الغاية؟ ألا يكفيك أن زوجك يقدره ويثمنه؟ يشهد الله أنه كان يثمنه ويقدره خير تقدير ... لكن! أصررت على طلبي لدرجة أنني قلت لا أريدك وأكرهك فإما الموافقة على طلبي أو الطلاق توقعت أن ينساق ويذعن لطلبي لكنه قرر طلاقي لا ألومه فقد آلمه أن استرخصه من أجل رفع غطاء الوجه! فالمساومة كانت مخذلة ومهينة تحقق ما أردته وها أنا أصبحت حرة أتباهى بجمالي (جهاراً نهاراً) في الأسواق والأماكن العامة ماذا جنيت!؟ لقد أشبعت غروري بجمالي فانطبق علي القول القديم «خلا لك الجو فبيضي واصفري وانقري ما شئت أن تنقري» ..
فهذا يعاكس وذاك (يبحلق) وآخر (يتحرش!) شعرت حينها أنني أشبه (بالمها) التي تطاردها الذئاب والوحوش من كل حدب وصوب بينما كنت آمنة مكنونة في عرين زوج (يستأسد) لحمايتي ويغار علي.
مضى على طلاقي ثلاث سنوات ولم يتقدم أحد لزواجي فماذا يريدون من امرأة فرطت بزوجها وأولادها من أجل التباهي بجمالها .. أرجو من كل زوجة ألا تفرط بزوجها من أجل أمور رخيصة (تافهة) الآن أيقنت بعد فوات الأوان أن جمال المرأة وتأنقها يجب أن يسخر بالمطلق للزوج فقط! كما أيقنت أن المرأة بلا زوج يحميها ويصونها ويقدرها لا تساوي شيئا مهما ملكت من جمال ومن هذا المنبر أوجه نداء بل صرخة (تزخر) بالندم والحسرة لطليقي والد أبنائي الذي لم يقصر علي بشيء .. لقد خسرتك من أجل التبجح بالجمال والافتتان بإعجاب الآخرين ويا لها من مراهنة مبتذلة وسخيفة! عزائي الوحيد بألا تقع أي زوجة أو بنت (لم تتزوج بعد) بما وقعت به لعل ذلك يشفع لي باقتراني بزوجي من جديد ..
انتهى: أقول رغم ما حصل أزعم أنها محظوظة لأنها استفاقت واستدركت وإن متأخرا لكن خيرا من أن تنساق وتنجرف لمآلات ودروب مظلمة لا يعرف عقباها فالجمال نعمة لكن إذا لم يؤطر بالحشمة ويوظف بالحكمة بات نقمة.

سلوكيات مغلوطة !؟


لماذا لا تكتب عن ظاهرة البويات؟ فهن شاذات ويجب ردعهن.. استفزني هذا الصديق للكتابة عنهن.. فما يجب أن نعرفه جميعا أن أغلبهن صحيحات من الناحية الفسيولوجية والنفسية فضلا عن كونهن يمتلكن أنوثة قد تطغى على وصيفاتهن، كل ما في الأمر أنهن ترعرعن في بيئة طاردة إن على الصعيد الأسري أو المجتمعي والأرجح الاثنان معا. وبكلمة أوضح هو (تمرد) على المناخ والبيئة وما يتمخض عنهما من تداعيات جعلهن يستبدلن جلبابا يخرجهن أو يجعلهن أكثر تكيفا أو قل يخفف عنهن وطأة ما يشعرن به من انتقاص ودونية كأقل تقدير..
بعض الأمثلة، هناك أسر للأسف الشديد يزدرون الأنثى فتتربى البنت على المهانة والنظرة الدونية منذ نعومة أظفارها وعندما تصل لمرحلة المراهقة وتستشعر أن سبب ازدرائها هو (أنوثتها) تبدأ بالتمرد تدريجيا.. فتتخلى عن أنوثتها وإن ظاهريا.
مثال آخر، ثمة أسر جل أبنائهم من الذكور ماعدى أنثى واحدة ولغياب وعي وثقافة الأبوين يعاملون جميع الأبناء معاملة الذكور بما فيهم الأنثى، وشيئا فشيئا تتطبع البنت بسمات وسلوكيات إخوانها الذكور فتجد نفسها دون رغبة منها أو إرادة تشكلت بما يشبه الرجل.. مثال آخر: بعض الأسر قدر لها عدم وجود عائل (ذكوري) فتواجه صعوبات جمة في تسيير دفة أمورها هذه المعاناة وبشكل لا شعوري تنعكس على بنات هذه الأسرة فيتمردن على واقعهن المجتمعي هذه المرة فينتزعن مقومات أنوثتهن ويستبدلنها بمقومات الرجولة ليتسنى لهن الانخراط في معترك الحياة لتلبية حاجاتهن.. دون الحديث عن النظرة القاصرة للمرأة التي تشبعن بها من فئة كبيرة من المجتمع، هذا بطبيعة الحال رب قائل أو قائلة حسب مشاهدتهم ومراقبة سلوك البويات لاحظوا أن الكثير منهن يسلكن هذا السلوك لغرض لفت الانتباه ليس إلا.. أقول إن ذلك يصب في ذات المنحى لأن محاولة لفت الانتباه سببه الشعور العارم بالنقص وبمقتضاه يصبح من الأهمية بمكان، تغيير النظرة للمرأة بوجه عام وأقله عدم وصفها بما يجرح إنسانيتها قبل أنوثتها، بالمناسبة أي تهكم عليهن أو تندر هو في أول المطاف وآخره ازدراء للأسر بل للمجتمع بعمومه لأن (البويات) ضحايا إهمال وسلوكيات عدمية فلنغير نظراتنا وتوجهنا بما يتزامن ويتماهى ومتغيرات العصر ليعدن إلى كنف وأحضان أسرهن ومجتمعهن إناثا لطيفات كما خلقن ليبادرن بمشاركة أشقائهن الرجال في خدمة الوطن..
بقي أن نقول للذين لا يزالون يشككون في قدرات المرأة ويتكالبون على مصادرة حقوقها متى سنحت لهم الفرصة بذرائع واهية ومن وحي عادات بالية فهم ينسحب عليهم قول ابن خلدون «اتباع التقاليد» (على عواهنها) لا يعني أن الأموات أحياء بل الأحياء أموات.

الأربعاء، ٩ مايو ٢٠١٢

«علّل» .. يا مدير؟!

ما لا يعرفه الكثيرون أن التعسف الإداري لا يقتصر على نقل الموظف (دون وجه حق) أو طي قيده دونما أسباب جوهرية وفي السياق لا يقتصر على إيقاف العلاوة السنوية أو ربما توبيخ وتقريع الموظف على مرأى من زملائه، فثمة أمر غاية في الأهمية قد لا يقل تعسفا على ما ذكر أعلاه وربما يفقه ضررا وخيبة، وهو تعنت المدير بعدم إبداء الأسباب لجهة طلبات واستحقاقات موظفيه (المكتسبة) وبكلمة أوضح عدم إقران الحجج ومبررات الرفض فكثيرا ما يرفض المدير طلب موظف يريد إجازة قد لا تتجاوز يوما واحدا دون أن يوضح الأسباب، خصوصا إذا كان هذا الموظف مستحقا أي لديه رصيد ويفاجأ بالرفض من قبل سكرتير المدير أو الموظف المختص .. لاحظوا أن الأمر بسيط أي بإمكان الموظف تمريره لكن لأن المدير لم (يعلل) سبب الرفض يزيد من استيـاء الموظف ويعتـبر في العرف الإداري (تعسفا) لأنه أخذ منحى (شخصاني) أو هكذا يفسر!.
نتفهم جيدا أن يكون لدى المدير أسباب ومبررات وجيهة لكن كونه لم يوضحها للموظف فقد يلحق ضررا معنويا ربما يجره لأمور تنعكس سلبا على مجريات عمله وربما تصل لتسيبه، فالإشكالية هنا لا تكمن برفض الإجازة أو الدورة التدريبية وغيرها من مستحقات بل في عدم تبيان أسباب الرفض، فالأجدر بالمدير ألا يتجاهل هذا الأمر ويضعه في إطار أولويات مقومات الإدارة الناجحة لا بل من مسلماتها إن صح التعبير ... جدير بالذكر، إن تجاهل أو إغفال المدير لتعليل أسباب الرفض لا يخرج عن إطار التذرع بأنه صاحب الصلاحية وله الحق في رفض طلب الموظف .. أقول نعم لك الحق والصلاحية على أن يكون (الرفض) مقرونا ومشفوعا بالأسباب والمسوغات من دون ذلك يعتبر قرارا تعسفيا من الدرجة الأولى، أما إذا كان المدير يتحجج بكثرة مشاغله ويكفيه عناء أن يخط بقلمه بالرفض فأقول له إن من أهم المشاغل (المفترضة) هو تلبية طلبات موظفيك وأقله مراعاة حقوقهم المعنوية فكونك تستكثر عليهم إبداء أسباب الرفض فذاك قمة التجاهل والاستهانة وإن شئت (الاستنكاف) .. أما إذا كان المدير يعتقد أن الاكتفاء بالرفض دلالة أو مؤشر على قوة شخصيته فأقول له أنت واهم فالعكس هو الصحيح فمن أهم مقومات وركائز قوة الشخصية هو مواجهة الموظف بشكل مباشر وإقناعه بأريحية بأسباب رفض طلبه أما إيكال ذلك للسكرتير أو الموظف المختص فهو توارٍ لا ينم إلا على الضعف أو قلة الحيلة .. رب قائل ما دور السكرتير أو الموظف المختص بشؤون الموظفين نقول إنه في حال الموافقة على الطلب لا ضير من إحالتها لهؤلاء لاستيفاء اللازم لكن في حال الرفض لا مناص من مواجهة الموظف لإزالة أي لبس أو تفسير خاطئ قد يخلق فجوة أو لنقل (جفوة) بين الموظف ومديره بينما لا يستغرق الأمر دقائق معدودة وكلمات محدودة تذيب جليد الاستياء وتداعيات رفض طلب الموظف.

الفضائيات المفلسة


يبدو أن الفضائيات أو إن شئت جلها حتى لا نقع في (شرك) التعميم قد أفلست بدليل أنها تستضيف من (هب ودب) لسد الفراغ فطغى الخواء وهيمنت السفاسف على موادها وليت الأمر يتوقف عند ذلك الحد أي (الخواء) وعقم المعلومة لهان الأمر بوجود (الروموت) لكن الخطورة فيما تستقطبه بعض القنوات من المحسوبين لجهة الفكر والثقافة وهم في حقيقة الأمر على العكس من ذلك فيزودون المتلقي أو قل (يسممون) فكره بمعلومات مغلوطة خصوصا إذا ما كانت المعلومات والمفاهيم تتعلق بالجوانب التربوية والقيمية بوصفها فضفاضة وغير ذات سقف لذا باتت مجالا خصبا للإبحار والسفسطة دونما وازع أو حتى رادع يكمم أفواه هؤلاء الذين أصبح همهم الأكبر الشهرة ومزيدا من اللقاءات والاستضافات الفضائية حتى لو كان على حساب بتر المعلومة أو تسويفها. مناسبة هذه المقدمة.. كنت شاهدت على إحدى القنوات الفضائية استضافة لأحد التربويين كان محور الحديث تجليات التربية القويمة المعاصرة فصال وجال وتخبط في أمور هي أدعى لتمرد النشء كي لا نقول انحرافهم عن جادة الاستقامة ومن جملة ما قاله هذا الجهبذ التربوي أن الأسرة يجب أن تكرس في أبنائها العصيان لأن الطاعة المفرطة للآباء (مرضية) حسب زعمه فيجب أن نفرح إذا تمرد الابن وقال لأبيه أو أمه (لا). فهذا دليل على سعة مداركه وقوة شخصيته!، وبهذا المعنى ربط بين التمرد وقوة الشخصية!.. لكم أن تتخيلوا مدى وقع هذه المعلومات الهدامة على الأسر إذا ما استلهمتها كمسلمات وأسس تربوية. واقع الحال لا أدري إن كانت تلك ( الحقن الملوثة ) هي خلاصة حصيلته العلمية أم مغالطات متعمدة على غرار خالف تعرف بغية تسابق القنوات على شخصه، ولا غرابة فخاصية التميز والسبق في معايير بعض القنوات ليس في الإجادة بالطرح والمعلومة الضافية بل في غرابته وربما شذوذه إن جاز الوصف.. لا أعتب على هؤلاء الجهابذة وقباطنة الفكر كما يسمون أنفسهم بل عتبي على الفضائيات التي تستضيفهم وتدفع لهم ثمن ترهاتهم وسمومهم.. عموما لا بد من إيضاح المعلومة أو قل تصويبها إن صح التعبير كي لا تؤخذ على علاتها وعواهنها لناحية من أنصت لذلك الضيف بقطع النظر إن كان قالها عن جهل أو استخفافا بعقلية المشاهد أو لغرض كسب مزيد من الشهرة على قاعدة إثارة الجدل..
التصحيح كالآتي.. كرس في أبنائك أن يقولوا لماذا ؟ لأن التساؤل (وليس العصيان والتمرد) يفتح آفاق التفكير في التعرف على إيجابيات وسلبيات الأوامر والنواهي كما تنمي فيهم أطر الحوار ولغة التخاطب.. لمن أراد المزيد فعليه الرجوع للمقال بعنوان ( لماذا ؟ بتاريخ 10/05/2009 م).

الخميس، ٣ مايو ٢٠١٢

بفلوسي ..؟!



«الفلوس تغير النفوس» لم أستشعر قط الدلالات الموجعة لهذه المقولة وربما لم يدر بخلدي يوماً مدى وقعها المؤلم والمهين!! إلا بعد أن اكتويت بلهيبها وممن؟ من أقرب المقربين (زوجتي أم أولادي) .. إليك القصة:
لقد تزوجت امرأة كانت بالنسبة لي حلماً لدماثة خلقها ورجاحة تفكيرها أمضينا قرابة خمس سنوات نتبادل أسارير السعادة ونتنافس على إرضاء بعضنا ومن هذا المنطلق كالبت سعياً لتحقيق رغبتها في العمل حيث كانت تلح عليَّ لدواعي مساعدتي في أمور ومتطلبات المعيشة (هكذا كان هدفها) علماً أنني لم أشك لها الحال وراتبي يغطي المصروفات ويزيد رضخت لرغبتها أملاً بإسعادها شريطة أن يكون راتبها لها المهم أن توفق بين عملها وأمور المنزل أي لا يكون على حساب الأولاد وأبدت استعدادها المطلق وخلال ثلاثة أشهر من التعب والمعاناة تحققت رغبتها فتعينت بوظيفة مناسبة وبمجرد استلامها لأول راتب تغيرت (جذريا) فتلك الزوجة الوديعة (تنمرت) واستشرست فقلت في قرارة نفسي لعلها فترة بسيطة وترجع لسيرتها الأولى خصوصاً إذا تأكدت أنني لن أتجاسر على راتبها علماً أنها متأكدة وتعلم جيداً أنني أربأ عن فعل ذلك بل أنا ممن ينتقدون الأزواج الذين يطمعون برواتب زوجاتهم وإمعاناً بطمأنتها كنت أكرر عليها بأن راتبها لها وأنا أتكفل بكافة شؤون المنزل كانت ترد بتعجرف .. (أكيد هذه فلوسي وما لك دخل فيها) آلمني تبجحها وغطرستها وخشيت أن ردها وراءه ما وراءه وبالفعل صدق حدسي فقد تغيرت تصرفاتها على النقيض مما كانت عليه قبل الوظيفة فكثرت ولائمها واستقبالاتها بداعٍ ومن دونه أما ذهابها للأسواق فحدث ولا حرج وكنت حينما أنصحها لماذا هذا التبذير والإسراف .. ترد (بفلوسي) أو .. (هذه فلوسي وأنا حرة!) . وفي يوم احتدم النقاش معها لأنني لم أعد احتمل سلوكياتها ورعونتها فخيرتها .. إما الوظيفة أو أنا ... توقعت حينها استفاقتها وتبريد النقاش بشيء من التودد والتراضي أو إرجاء الاختيار على أقل تقدير وإذا بي أفاجأ بترجيحها كفة الوظيفة .
نفهم أن أغلب المشكلات الزوجية من هذا النوع يكون سببها الرئيسي طمع الزوج في راتب زوجته كيلا نقول استلابه (أو جزء منه) غصباً ! لكن ما لا نفهمه ويستعصي استيعابه وتبريره أن الزوجة تتبجح براتبها وتتعالى على زوجها فضلاً عن إهمالها لأولادها وبيتها رغم أن زوجها هو من كابد من أجل توظيفها المفارقة الأغرب أنه لم يطمع براتبها كما يفعل الكثير من الأزواج ..! أزعم وبشيء من التأكيد أن جل الموظفات المتزوجات (وغير المتزوجات) يتمنين مثل هذا الزوج وربما ويحسدنها عليه .

السبت، ٢١ أبريل ٢٠١٢

كي لا تصبح «السعودة» منة !!

في (إشراقته) المعنونة بـ «استمرار المواجهة لا يحل مشكلة» .. أشار الزميل د. هاشم عبده هاشم، أو لنقل لامس جانبا غاية في الأهمية وهو الربط بين وفاء الشركة والمؤسسة والبنك وقطاعات العمل المختلفة وبين حصولها على مناقصات متوسطة أو كبرى تخص مشاريع الدولة هو من جملة عوامل الضغط التي تملكها وزارة العمل لرفع معدل السعودة فيها .. وتساءل د. هاشم في ثنايا مقاله : لماذا نترك الأمر يبدو وكأنه ضغط متبادل بين وزارة تريد أن تقلص حجم البطالة وبين قطاع يريد استثمار أمواله في بلده لكنه يعاني من بعض الضغوط والإملاءات ؟ .. أشاطر الزميل تساؤله (المحوري) الذي يوحي من جملة ما يوحي بعدم المساومة في واجب وطني أو هكذا يفترض فوزارة العمل عندما تفرض آلية السعودة وتحدد معيارا لها أي بمقتضاها يحدد مقدار وحجم المناقصات لجهة القطاعات الخاصة فهي أي الوزارة وفق هذا المعطى تكرس من حيث تدري أو لا تدري لمبدأ (البراجماتية) الصرفة لناحية تلك القطاعات على حساب مبدأ الوطنية .. إلى ذلك تصبح السعودة مجرد (سلعة) مادية تسوغها المقايضة والمتاجرة لا، بل وأبعد من ذلك فقد تصبح منة في حال طبقت السعودة على مضض دون الحصول على المناقصة المبتغاة .. قد يكون هذا الإجراء مسوغا، بل يجب أن يكون لجهة قطاع الاستثمار الأجنبي أي فرض السعودة بالمطلق ودونما حوافز مقابل ذلك إذ يكفيهم تحفيزا الاستثمار في هذا البلد لخصوبته الاقتصادية وعائده المجزي. أما القطاعات الوطنية فمن غير المجدي، بل من العبث تحفيزهم أو إغراؤهم حتى لا نقول (استجداءهم) من أجل توظيف أبناء وطنهم ! فالسعودة أمر حتمي ومسلم به (غير مشروطة) أو هكذا يجب أن تكون وبهذا المعنى لا يكافأ محتضنها ومتبنيها بالكلية ولكن يعاقب مجرد من يتخاذل أو يتقاعس في تطبيقها .. على خلفية ما تقدم حري بوزارة العمل ترسيخ (استدامة) توطين الوظائف لجهة القطاعات الخاصة بشقيها الوطنية والأجنبية وليس مجرد توطينهم وبمعنى من المعاني تفعيلها وذلك من خلال توفير الأمن الوظيفي ومراقبة عن كثب تكافؤ أجور العاملين لدى تلك القطاعات وفق مؤهلاتهم وخبراتهم والأهم تحييد أساليب (التطفيش) واستطرادا القضاء عليها فقد أضحت تؤرق جل منسوبي القطاع الخاص سيما إذا كان مدير العمل غير سعودي والتي تعتبر بمثابة العصا التي تؤلم العاملين وفي الآن نفسه تبتز وإن بشكل ضمني وزارة العمل فلنعمل على كسرها لكن كيف ؟ .. بالعمل الجاد وإثبات الجدارة لأرباب العمل وعدم إعطائهم أي فرصة لتسريحهم أو تطفيشهم وبالطبع بمساندة ودعم وزارة العمل كتفا بكتف . 

رسائل وتعليقات .. مفارقات وتساؤلات

على خلفية مقالي (فشخرة الزوج) وردتني العديد من الرسائل والتعليقات وهي بالتأكيد رجع الصدى لخبايا وكوامن لم ترد بالمقالات وربما لم نتوقعها.. فإليكم بعضا منها:
1ــ خلال وبعد قراءتي للمقال (فشخرة الزوج 1ــ 2) مر أمام عيني شريط حياتي مع أبو ولدي الذي اضطررت لخلعه هربا من الموت!. والسبب طمعه وجشعه (المفرط) في مالي ومنصبي واستخدامه شتى الوسائل والحيل لسلبه.. وها أنذا حرة فقد نجوت بنفسي ومالي لكن بالتأكيد خسرت كيان الزوجية وابني الذي تشتت.. ولا أدري ما مصيره.. فالضريبة كبيرة ومحيرة فإما العيش مع زوج يبتز أموالك ويحسسك بأنك مجرد (خزينة) يسحب منها متى يشاء أو الانفصال وتحمل التبعات.. السؤال هل من الخطأ القبول بزوج أقل مستوى من الزوجة (ماديا، علميا،
اجتماعيا... إلخ)؟، وماذا تفعل من حباها الله بالمال والجمال والعلم والنسب ؟، أوليس حريا بالزوج الأقل من زوجته مالا وعلما ومكانة أن يحترم زوجته ويكرمها بل ويبجلها لكونها ارتضت به أو على أقل تقدير أن يربأ بنفسه عن ابتزازها في حر مالها ؟، إن المرأة العاقلة لا تطمع أكثر من أن تحظى بزوج يحفظها ويحميها ومتى ما دخل الجشع في الزوج بات حراميا بدلا من أن يكون حاميا..
2 ــ ما بالك بالذي يسمي نفسه رجلا وهو من أشباه الرجال يسرق مال زوجته ويقتني به سيارات (وماركات) فارهة يتباها بها أمام زوجته (الجديدة) ويتفشخر ويدللها على حساب زوجته الأولى علما أن زوجته التالية مخدوعة تحسبه غنيا ولا تدري أن كل تلك الأموال ليس له منها قرش..
3 ــ أنا ميسورة الحال وغنية إن صح التعبير تقدم لخطبتي الكثير من الأثرياء والوجهاء رفضتهم وارتبطت برجل أقل مني مالا ووجاهة بكثير اعتقادا مني أن الثري قد يتخلى عني بحثا عن من هي أجمل مني نظرا لكوني متوسطة الجمال وإذا بزوجي الفقير (المعدم) هو من تخلى عني وتزوج بجميلة بعد أن سرق جزءا كبيرا من مالي فانطبق علي المثل المصري (رضيت بالهم والهم مارضيش بي).
4 ــ أنا أحد ضحايا (الفشخرة الكذابة) بامتياز والسبب زوجتي لأنها كثيرا ما تمتدح إخوانها وأقاربها لعلو شأنهم ومكانتهم ولم يكن أمامي سوى مقارعتهم بأي وسيلة فقط لأحسس زوجتي بأني ليس أقل منهم فسلكت طرقا وأساليب غير مشروعة فقط لأرضي غرورها وتطلعاتها والنتيجة.. (...!!) وفوق ذلك خلعتني.. أنصح الجميع بعدم مسايرة الزوجة في التباهي والفشخرة فكما قلت في مقالك لا مبرر لهذا السلوك.. ومآله الفضيحة والضياع..
أترك الإجابة على التساؤلات والمفارقات أعلاه للقراء الأعزاء فهي بالتأكيد سوف تكون حلولا سديدة وناجعة بوصفها منهم وإليهم.

الأحد، ٢٥ مارس ٢٠١٢

من تصدير الثورات إلى تهريب المخـدِّرات

يبدو أن النظام (الإيراني) أشبه برجل يحلم طيلة حياته بالقيام بأمر عظيم يجعله يجذب الأنظار في حفل مرتقب لكن عندما يبدأ الحفل يغلق الباب في وجهه !.
نعم هذا هو حال النظام الإيراني البائس واليائس في آن.. فلم ينفك هذا النظام من توسل طرائق وحبائل مستهجنة تنأى عنها أرذل الأنظمة بدءا من إثارة الفتن وتأجيج شعوب المنطقة أو ما يعرف بتصدير الثورة التي فشل النظام فشلا ذريعا بتمريرها، والدليل ها هو النظام يستخدم وسيلة أكثر خسة ودناءة وهي تهريب المخدرات للأراضي السعودية وآخرها ما تم ضبطه من كميات تقدر بنصف طن وهي بالتأكيد حرب لكنها ليست تقليدية بل (وضيعة) يلجأ إليها المفلس والخائب وأقصد بالإفلاس ها هنا (السياسي) فالنظام فقد الاحترام والمصداقية لجهة العالم الخارجي إلا من بعض الأنظمة التي تشاطره الخسة وتسبح في ذات المستنقع الآسن وفي الإطار فقد خسر النظام رهانه الأكبر على شعبه الذي بالفعل استاء وضاق ذرعا وخيبة فهو لم يجن على مدى عشرات السنين إلا مزيدا من الفقر والعوز بل والازدراء لناحية العالم الخارجي بوصفه تحمل جثوم هذا النظام وعنته الذي جر الشعب إلى نفق مظلم لا يمكن التكهن بمآلاته.. وما يدرينا ماذا يخبئ هذا النظام الذي بات يتخبط وفقد (الأهلية) لكن يبدو أن ساعة الخلاص قد أوشكت أو هكذا أزعم لأن دول المنطقة قد تمرر تلك السفاسف والمهاترات أو قل (المراهقة السياسية) التي اعتادت عليها بل لم تعد تؤرقها، أما الشعب فلن يتنازل ويضحي أكثر فقد وصل لمرحلة الكفاف وضنك العيش وهو يعلم جيدا أن بلده يملك ثروات طائلة بددها نظامه في حياكة الفتن إلى أن وصل أسفل الدرك وهو تهريب المخدرات وهو بالتأكيد سلوك إجرامي لا تلجأ إليه إلا عصابات تجردت من أدنى القيم الإنسانية، ترى هل يقبل شعب مسلم بهكذا نظام ؟ المنطق وطبائع الأمور تقول (لا) لأن العصابات من أبجديات سلوكها الغدر والخيانة دعك من التنكيل وتصفية كل من يقف ضدها.. فهل نرى ربيعا إيرانيا قريبا..!؟.

الثلاثاء، ١٣ مارس ٢٠١٢

حافظ على «برستيجك»!!

حسب فهمي لما يعرف (بالبرستيج) أنه لا يخرج عن إطار التأنق في الحديث وكياسة الخلق وقيافة المظهر، من هنا بمقدورنا أن نطلق على من يتمتع إجمالا بهذا الثالوث بأنه (برستيج) أو هكذا يفترض.. لكن يبدو أن الكثيرين فهموه بشكل مغلوط بل على النقيض فهو أي البرستيج في عرفهم يبدأ بالتعالي والتشاوف مرورا بالتبجح وربما لا ينتهي بتجاهل الآخرين وحتى لا نتوه في تضاعيفه الكثيرة والمتكاثرة والتي من جملته المظاهر المزيفة نكتفي بجزئية قد لا تخفى على أحد وهي كيف يتعامل من (يتصنع !) البرستيج مع الآخرين من خلال هاتفه ؟.. إذا خذلك الحظ واتصلت بأحدهم لا يرد عليك من أول اتصال وربما لا يرد مطلقا لا لشيء فقط ليشعرك أنه مشغول وجدول أعماله مزدحم بالارتباطات ومكتظ بالمناسبات والاجتماعات بينما واقع الحال لا هذه ولا تلك !. وإذا تلطف ورد عليك كان الله في عونك من غطرسته سوف يقول نعم (بتعجرف) مفعمة بالغلظة الممزوجة بالغرور وبمجرد أن تبادر بتحيته يقاطعك بنرجسية مفرطة مستكثرا عليك أن تحييه ! من أنت ؟ (مين) بالعامية، المفارقة المضحكة والمثيرة للشفقة ! أنه يعرفك جيدا واسمك يبدو ظاهرا على شاشة هاتفه وسبق أن حادثته مرارا .. فقط لإيهامك بأنه مهم ومن كثرة معارفه وعلاقاته نسيك أو تناساك، أو ربما ليشعرك أنك آخر اهتماماته ولنقل أقل مستوى من معارفه.. للمعلومية أزعم وبشيء من التأكيد أن كل هؤلاء مصابون بنقص مركب (مرضي) ويحاولون إبراز أنفسهم وتعويض نقصهم (تلميع صورتهم) بهكذا سلوكيات مقيتة تزيدهم نقصا وتفقدهم ما تبقى لديهم من أصدقاء ومعارف من حيث لا يدرون.. وإن شئت لا يدركون بأنه قد يهون الأمر أن تتأتى تلك الترهات والنقائص من أشخاص عاديين لا يستشعرون تبعات وصلافة تصرفهم لكن أن يتبناها قياديون وذوو مراكز مرموقة هنا تكمن الإشكالية.. مناسبة هذا الحديث رواية أحد الأصدقاء فيقول: قمت بزيارة لأحد مديري العموم وأثناء الحديث اتصل بي أحد الأصدقاء ورددت عليه حسب المعتاد وتحدثت معه بأريحية لم تخل من بعض الضحكات والقفشات وفي الأثناء رمقني ذلك المدير بشيء من الامتعاض وما أن انتهيت من المكالمة إلا وإذا به مستاء، فقلت ما بك ؟، فأجاب وبنبرة ازدراء وتهكم: لقد قتلت (البرستيج) مرتين الأولى كونك رددت على المكالمة بسرعة إذ كان ينبغي عليك التأني واطبق .. (ولسان حاله يقول التجاهل وعدم الرد) .. والتالية لأنك أسهبت في الحديث فحري بك الاقتضاب بالحديث! فقاطعته مندهشا، لماذا كل هذا ؟، فعاجلني برستيجك كررها بنبرة أكثر حدة كأني به يلقنني درسا مصيريا ! (حافظ على برستيجك). واقع الأمر لم احتمل النقاش معه من وقع الصدمة إذ كيف بشخص بمنصبه يكون بهذا التفكير الضحل والأفق السطحي الضيق وما كان مني إلا أن ودعته مترجلا كي لا أسمع منه مزيدا من السخافات العدمية .. انتهى..
قبل أن أختم أود تذكير هؤلاء (البرستيجيين) بأن البرستيج لا يصطنع أو يستنسخ بل ملكة (ميزة) أو سمة يحظى بها أشخاص دون غيرهم. وإن كان ثمة بد من اقتفائه فليكن بالتواضع الجم والألق في الحديث والتعامل وسعة الأفق.. وليس العكس.
بالمناسبة أعرف شخصا مرموقا ذا شأن كان متيما بالبرستيج (المغلوط) تقاعد، والآن هو من يستجدي اتصال الآخرين به.

الجمعة، ٩ مارس ٢٠١٢

«كاتم» أسرار المدير !!


أخالكم تتفقون معي بأنه لا يكاد ينتقل المدير أو ينقل من إدارة لأخرى إلا ويصطحب معه ثلة من موظفيه (القدامى) بحجة أنه لا يستطيع العمل من دونهم وإن شئت فهو لا يثق إلا بهم بوصفهم يتفهمون شخصيته الفريدة ! وأسلوب عمله علاوة على تميزهم غير العادي في تسيير دفة العمل !، وما إلى ذلك من مبررات ومسوغات جلها واهية وتجانب الحقيقة، فثمة مديرون هدفهم (المبطن) مصالحهم الخاصة.. فاصطحاب هذا الموظف أو ذاك لغرض قضاء حوائج المدير (الشخصية) وآخرون هدفهم مساعدته على تكريس أسلوبه وطريقته في الإدارة الجديدة وبمعنى من المعاني للتغطية على مثالبه وربما تجاوزاته (السابقة واللاحقة !) وبكلمة أكثر دقة لتسويغه بنقائصه.. فالمدير الحصيف الواثق من قدراته والمعتد بأسلوب وطرائق تسيير إدارته لا يحتاج أن يرافقه أو قل يردفه أيا من موظفيه السابقين فأين ما وضع هذا المدير سوف يفعل الإدارة من حيث هي دون الحاجة لتطعيمها وغربلتها بموظفين آخرين وفي السياق تجدر الإشارة أن لكل إدارة طبيعتها وفلسفتها الفريدة بمقتضى الفروق الفردية فلا يمكن بحال استنساخ وتطبيع ذات الأسلوب حتى لو جلب المدير نصف موظفيه السابقين أو أكثر واصطفهم بإدارته الجديدة.. عموما لنسلم جدلا بصحة الاعتبارات والذرائع أعلاه أي بحسن طوية المدير على اعتبار بأن ما يجلبه المدير معه من موظفيه السابقين بهدف تطوير الإدارة الجديدة وتحسين أدائها وهذا مقبول وإن بشيء من التحفظ على أن لا يكون على حساب موظفي إدارته الجديدة فكثيرا ما نلاحظ أن هؤلاء المصطحبين من الإدارة السابقة
(يتسيدون) ويتسنمون مراكز ومناصب لا تتوافق وقدراتهم وإمكانياتهم بتعميد من المدير ولا يخفى على الجميع تداعيات هذا الإجراء المغلوط على موظفي الإدارة فمن غير المستغرب إن هم تذمروا وامتعضوا وما يستتبع ذلك من تدني عطائهم وربما (تسيبهم) فلا ننسى أن بعضهم من أركان الإدارة ومؤسسيها ومن المجحف أن ينصب عليهم من هم أقل منهم مؤهلا وخبرة فقط لكونهم محسوبين على المدير.. للحديث بقية.

الخميس، ١٦ فبراير ٢٠١٢

الفيتو الروصيني


لا جديد أو مستغرب من الموقف (الروصيني) تجاه ما حدث ويحدث من مجازر ومذابح ترتكبها قوات الأسد بحق (الشعب السوري) ولم أقل شعبه لأنه لو أن هناك ذرة إحساس أو شعور بالإنسانية لجهته لما سفك دماء زكية بريئة لمجرد مطالبتهم بالحرية والكرامة وهو لاريب حق تكفله المواثيق والأعراف (الإنسانية) ولن أقول الدولية لأنه لو كان هناك أعراف ومواثيق دولية لما ترك هذا الوحش ينهش بأنيابه المسعورة ما بدا له وكيفما اتفق.. أقول لا جديد بالتلويح بعصا الفيتو الروسي والصيني المشترك لأنها العصا (السحرية) التي تجلب المكاسب والمغانم وهي لغة السياسة (البراجماتية) ولا مراء في ذلك فكلنا نعرف أن السياسة قوامها المصالح ولا مكان للجوانب الإنسانية، وحق تقرير مصير الشعوب يصبح في ذيل القائمة بل مكانه (الحاوية) إن جاز الوصف مقابل حفنة من الأموال فما بال الأمر إذا كان السفاح كريما سخيا لجهة تجار الموت بالتأكيد سوف يكون الغطاء أكبر وأقوى واستطرادا (تنهمر) الدماء مدرارا، أليس الأجدر بهكذا رئيس أرعن أن يوجه محبس صنبور العطاءات لناحية شعبه بدلا من توسله آلية لتدميره والفتك به، أو ليس الأجدى توظيف تلك الأموال الطائلة لإقامة مشاريع يتعيش منها المئات من (شعبك!)
بدلا من استخدامها في هدم البيوت على رؤوسهم.. فلنخاطبك باللغة (البراجماتية) التي تجهلها أيضا أليس من الأنفع أن تغدق على شعبك ولعلي استدرك وأقول (تقطر) عليهم فهم أولى عوضا عن إغداقك العدمي على من يبيعونك في سوق النخاسة لمن يدفع أكثر!.
الجدير بالذكر أن روسيا والصين وإن شئت (تجار الدم) رغم ما اقترفاه من خسة لا حدود لها تجاه مجازر الأسد وانتهاكاته السافرة فهما أكثر شجاعة ووضوحا من دولة لطالما تدثرت بلبوس الإنسانية ونادت مجلجلة بحق تقرير مصائر الشعوب وغيرها من أراجيف لم تعد تنطلي وتمرر على الجهلاء وأنصاف العقول وإلا كيف نفسر تذرعها بالفيتو (الروصيني) فأي عقل وأي بهيم يصدق بأن أمريكا (بهيلمانها) العابر للقارات وجبروتها الطاغي تقف خانعة وعاجزة عن نصرة شعب دك ونكل به بسبب مطالبته بالحرية، ألستِ أنتِ يا أمريكا من تنادين ــ ولم تنفكِ ــ بالحرية والديمقراطية، أليس الأجدر بك على أقل تقدير إيقاف (الأسد المفترس).
لا نصدق أنكِ يا أمريكا عاجزة عن ذلك مهما أقسمتِ ومهما ذرفتِ دموع التماسيح تارة بالتنديد وتارة بالحزن والتأسي فقد علمتنا الأحداث والتجارب أن قواتك الجرارة لن تتحرك من قواعدها وتفعل فعلها دعك من تجييش قوات دول أخرى إلا نظير مقابل مغر أو دفاعا عن حليف أو موقع استراتيجي، والشعب السوري في هذا المقام ووفق تلك المقتضيات البراجماتية ولنقل (سوق السياسة) ليس جديرا بالمراهنة فالدماء المسفوكة (حسب التسعيرة) يكفيها الشجب الأمريكي والأشلاء المتناثرة عزاؤها الاستنكار، أما التنكيل والتعذيب والقصف فلا أقل من التنديد والاستياء... لا يسعنا في أول المطاف وآخره إلا أن ندعو الله العلي القدير أن يرفع الضيم والبلاء عن الشعب السوري... إنك نعم المولى ونعم النصير... ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الأحد، ٥ فبراير ٢٠١٢

فعاليات «الرياض» على مدار العام

انطلقت يوم السبت الفائت فعاليات برنامج أمانة منطقة الرياض السنوي لهذا العام استهلت بمسرح الأسرة الذي استقبل مجاميع من العائلات طيلة فترة إجازة منتصف العام وذلك في أربعة مواقع مختلفة والتي روعي بها التوزيع الجغرافي لمواقع الفعاليات لتلبي كافة أحياء مدينة الرياض المترامية.. كما تضمنت جنبا إلى جنب العروض المسرحية العديد من الفقرات الاستعراضية والشخصيات الكرتونية فضلا عن عرض المنتجات الفنية والتراثية وعروض الدمى وغيرها من الفقرات والبرامج المنوعة والتي بالتأكيـد طبعت جوا من البهجة في قلـوب قـاطني مدينة الرياض وزوارها خلال الإجازة.. الجدير بالذكر والمفرح أن إقامة تلك الفعاليات لم تعد قاصرة على الأعياد والمناسبات الوطنية كما عهدنا، بل أضحت مستدامة على مدار العام وفق ما صرح به سمو أمين منطقة الرياض كما استطرد في الإطار ذاته أن الأمانة حريصة على تحقيق التنوع والشمول والتجديد والذي يعني في ما يعني تلبية احتياجات كافة فئات وشرائح المجتمع وبكلمة أوضح (أنسنة المدينة) فكلنا يعلم أن مدينة الرياض توشحت قيافة العصرنة والتحضر منذ زمن وباتت أقنومة تضاهي كبريات المدن العالمية ما جعلها في سباق محموم وميكنة سريعة لتحافظ على ما آلت إليه من مدارج الرقي والتقدم في شتى المناحي والصُعد الأمر الذي جعلها في مسيس الحاجة ليس لإطلالات وإشراقات من البهجة والترفيه بين الفينة والفينة بل (تكريس) المباهج بتضاعيفها والترويح على مدار اليوم والساعة، نعم الرياض بحاجة لذلك لا بل وتستحق لأن أهلها وقاطنيها ورجالاتها الأوفياء بذلوا الكثير وما فتئوا لتصبح بهذا الجمال والرقي والألق في آن .. وفي السياق لعلي أستحضر أقوال بعض رواد علم النفس والاجتماع والأنثربولجي .. «بأن المدينة كلما ارتقت وتطورت كانت أكثر حاجة للترفيه لأن الارتقاء يعني البذل والعطاء.. والترفيه يذكي العطاء بل ويحفز على المزيد»، وينسحب ذلك بطبيعة الحال على كافة شرائح المجتمع وفئاته بوصفهم الآلية التي تبقي على (انسياب) دوران عجلة التقدم هذا دون الحديث عن ما تموج به المجتمعات من أحداث ومتغيرات متسارعة (منغصة) تجعل من تلك الفعاليات مطلبا يوميا وأساسيا وليس ترفا. يبقى أن نقول إن أمانة منطقة الرياض مهما بذلت من أموال وجهد لجهة الفعاليات لن تحقق مبتغى وتطلعات أهالي المدينة ولا حتى سقف طموحات القائمين على تلك الفعاليات ما بالنا إذا علمنا أنها تقام على مدار العام دعك من تنوعها وتجديدها لتماهي وتناغم كافة الفئات والأذواق واستطرادا اتساع رقعة مدينة الرياض وتنامي عدد سكانها واطراد زوارها كل ذلك وغيره يتطلب من جملة ما يتطلب (مساندة) ولم أقل مساهمة القطاع الخاص فالمبالغ المبذولة كبيرة والجهود أكبر وكما أسلفنا مدينتنا تستحق .. فلن أذكرهم (رجالات المال والأعمال) أو أسديهم نصحا فهم بالتأكيد أعلم وأدرى من أن المدينة أي مدينة كلما ازدانت وازدهرت كانت أكثر رفاها واستقطابا ونزعم أن ذلك يصب أول ما يصب لناحية مدخلات القطاع الخاص.. نختم بمداد من الشكر وفيض من العرفان لكل من أسهم في جعل عاصمتنا الحبيبة بهذه الحلة الجميلة والمتألقة فالتحدي الأكبر ليس في جعل الصحراء نضرة متلألئة وحسب بل بسبغها بابتسامة مشرقة واستنطاقها بالفرح والبهجة. 

الأحد، ٢٢ يناير ٢٠١٢

«فشخرة !!» الزوج ..«2 ــ 2»

المقال السابق مجمله رسالة تضمنت (فشخرة الزوج) لاستشعاره حسب قوله الدونية تجاه زوجته ما دفعه لسلوكيات أفضت للكثير من التجاوزات والإحراج فضلا عن تكبده ديونا طائلة وأخيرا افتضح أمره وندم على فعلته... مقال اليوم محوره الزوجة ودورها السلبي في (فشخرة الزوج) بمعنى أنها كثيرا ما تدفع الزوج وبكلمة أدق (تحرض) لهذا السلوك إن بشكل مباشر أو إيحائي ولنضرب أمثلة على ذلك.. كأن تقول الزوجة لزوجها إن أختها أو ابنة عمها وربما صديقتها ينعمن بالرفاهية ورغد العيش وبأن أزواجهن مقتدرون ولهم معارف متنفذون، بالعامية (واصلين) وفي الإطار قد تمتدح أخاها وربما والدها وتبجله بوصفه ذا مكانة وشأن رفيع إلى آخر الديباجة التي قد لا ترى الزوجة خطورة انعكاساتها على زوجها على اعتبار بأنها مجرد ثرثرة لكنها في واقع الأمر مؤلمة وقـاسية على الزوج وإن لم يظهر امتعـاضه وسخطه علنا فمجرد امتداح الآخرين أمام الزوج رسالة (ضمنية) بأنه أقل منهم أو هكذا يستشعر الزوج فسرعان ما ينتابه شعور بأن زوجته بدت تقلل من قيمته وربما يتراءى له قهريا بأنها لم تعد توده واستطرادا سوف تتخلى عنه بوصفه أقل قيمة وشأنا من الآخرين خصوصا إذا تكررت تلك الأسطوانة. من هنا تدب الغيرة لدى الزوج لجهة هؤلاء الذين لم تنفك الزوجة عن تبجيلهم والإعلاء من شأنهم ما يدفع الزوج لا شعوريا للسلوك (التحويري) المرضي أي لفت الانتباه بمعنى أدق حرف وتحوير ما يجذب ويبهر زوجته بهؤلاء لناحيته فيبدأ تلقائيا بتقمص وتجسيد تلك النماذج من خلال التباهي المصطنع (الفشخرة) المؤسف إن بعض الزوجات قد تنطلي عليهن (الفشخرة الكذابة), ويظهرن استمالتهن وتقديرهن لأزواجهن وذلك ما يدفع لإمعان هؤلاء الأزواج بهذا السلوك المغلوط.. المحزن أكثر أن بعضهن يعمدن لهذا السلوك المحفز لزج أزواجهن (يتعامين) إن صح التعبير عن تبعات ذلك المهم لديهن أن الزوج يغير من وضعه ويماهي أقاربهن ومعارفهن.. الشيء الذي لا تعرفه هؤلاء الزوجات أو لايدركن تداعياته وخطورته إن دفع الأزواج لهذا السلوك قد يوقعهم في شراك النصب والتحايل وربما الرشوة والسرقة فضلا عن عبء الديون وقد يكون مآلهم السجن فأي تباه ووجاهة الذي يوصل الزوج لهكذا مصير. رب قائل.. ما الحل للقضاء على هذا السلوك؟. الحل من شقين: الأول لجهة الزوجات (المتعقلات).. يتعين عليهن ألا يثرن ويستفززن أزواجهن بكيل المديح للأقارب أمام أزواجهن مهما كانت مكانتهم وبريقهم فأقل تأثيراته كرههم وامتعاضه منهم وهي بالتأكيد لن ترضى بذلك وفي الإطار عليهن إظهار سخطهن واستيائهن لناحية أزواجهن لمجرد شعورهن بلجوء الزوج لهذا السلوك المقيت وهذا لا يعني ويجب ألا يعني الاستكانة والركون لحال أزواجهن.. بل عليهن دفع الزوج لتحسين وضعه وظيفيا واجتماعيا (لكن) وفق قدراته وإمكانياته وبالطرق والأساليب المشروعة.. الحل الآخر نوجهه للأزواج أقول لهم مهما كانت الأسباب ومهما حاولت الزوجة من حيث تدري ولا تدري امتداح أقاربها وتبجيلهم فلا مبرر لتبني ذلك السلوك العدمي لأنه في أول المطاف وآخره ضحك على الذات قبل أن يكون على الآخرين وهو ولا ريب صفة ضعاف النفوس ومهزوزي (هش) الشخصية وفي السياق يجب إفهام الزوجات ولجمهن إذا لزم الأمر بأنهن ارتضين بهم بهذا الوضع وليس المطلوب منهم لزاما أن يكونوا نسخة من هؤلاء الأقارب أو المعارف كيفما اتفق فكل حسب مقدرته وظروفه عطفا على قول المتنبي: (لولا المشقة لساد الناس كلهم)... السؤال الذي أود توجيه لهكذا زوجات هو: ماذا لو امتدح الزوج قريبته أو تغنى بأخته. 

الخميس، ١٢ يناير ٢٠١٢

شكوك الزوجة.. إلى أين؟

مقال اليوم من قبيل المضحك المبكي هاكم الموقف على ذمة المرسل .. طلبت مني زوجتي إحضار بعض الحلويات فذهبت لأحد المحال المعروفة وإذ بأحدهم يستقبلني بحفاوة، كان شابا وسيما الملفت أن صوته «أنثوي!» ولا أبالغ إذا قلت إنه أخفض وأنعم من أصوات بعض النساء! وأثناء الحديث عن الطلبات اتصلت زوجتي وإذا به (الناعـم صوتا وصـورة) لم يزل يتمم حـديثه معي وفجأة استشاطت زوجتي متسائلة بحنق أين أنت ومن هذه المرأة؟ فأجبتها على الفور أنا في محل الحلويات ولا يوجد به نساء قط .. لم تصدق جازمة بأنني أتحدث مع امرأة لا أخفيك نعتتني بأقذع الأوصاف قبل أن تقفل الهاتف في وجهي .. اشتريت المطلوب على مضض وعدت أدراجي فلم أجدها حاولت الاتصال بها لا جدوى فذهبت لبيت والدها فإذا به مستاء ناقم شرحت له الالتباس فلم يصدقني قابلت زوجتي بعد إلحاح وإذ بها تنهال علي شتما طالبة الطلاق أحسست حينها أني في ورطة حقيقية لكن سرعان ما تبادر لذهني إحضار ذلك الشاب وبالفعل ذهبت سريعا للمحل وشرحت له الموضوع واستعطفته بأن حضوره سوف ينقذ حياة زوجية على شفير الفشل وافق الشاب بعد أن ساومني بإعطائه ألف ريال مقابل هذه المهمة الإنسانية! استجبت وبخنوع ولو طلب أكثر لما ترددت حينها المهم أرجع زوجتي اصطحبته واستأذنت والد زوجتي بدخوله ومجرد أن تحدث معه قهقه بهستيرية لا تخلو من الاستهجان.. على ضوئها تجلت براءتي حيث إن زوجتي سمعت (صوته البهي) وصلت الشاب الذي كاد أن يكون سببا في تطليق زوجتي وأعطيته المبلغ وبعدها اصطحبت زوجتي إلى حيث عش الزوجية .. أزعم أن المرسل أراد بهذا الموقف إضفاء الطرافة وهو فعلا مثـير للضحـك لكنه وبـذات القـدر باعـث للحـزن والتنـدر بوصفـه يسـتـبـطـن وبجلاء مرض الشك وإن شئنا الدقة (الوساوس) فقد نكأ هذا الموقف الكثير من المواقف والقضايا المشابهة والتي كان مآلها ولم تزل الطلاق أو حياة بائسة يسكنها الارتياب وفقدان الثقة في أحسن الأحوال بسبب شكوك واهية لا وجود لها إلا في مخيلة الزوجة (الموسوسة). لست في مقام المدافع عن الأزواج ونصرتهم فثمة من لا يستحق أن يكون زوجا لانغماسه في وحل الأخطاء وربما الخطايا ولكن هذا لا يعني ويجب ألا يعني أن تكون الشكوك والتربص هما الأداة (الرادار !) إن صح الوصف الذي تتوسله الزوجة لمتابعة تحركات زوجها ومن جملته وأقـلـه (شمشمة) ملابسه واختراق جواله! نتفهم لا بل ونثمن غيرة الزوجة وتوجسها من أن يلوذ زوجها بغيرها أو حتى ينجر لمهاوي الانحراف وهو بالتأكيد حق مشروع وصحي لكن يجب ألا يغيب عن بالها بأن الشكوك هي التي قد تفقدها زوجها نعم فليس كل الأزواج طيعين ومسالمين على شاكلة صاحبنا المرسل (يكالب لإثبات براءته) فثمة أزواج يستهجنون الشك ويعتبرونه إهانة وهو كذلك بالفعـل. أتمـنـى على جمـيـع الزوجـات بأن يزلـن الشكـوك من أدمغتهن لأنها إن عشعشت ستقضي لا محالة على حياتهن الزوجية وربما تفضي لاعتلال صحتهن والأرجح الاثنان معا .. رب قائلة ممتعضة هل نترك أزواجنا (يسرحون ويمرحون) دون حسيب أو رقيب؟ بالطبع لم أقصد اللامبالاة والتبلد الحسي فهو أيضا مرض لا يقل عن سابقه غاية القصد الأسلوب التهكمي المباشر وغير المحسوب لأنه لن يجدي حتى في حال ثبوت الشك وتكمن خطورته في ردة فعل الزوج (المفضوح) فيكون مآلها الطلاق وبهذا المعنى فهي مغامرة..
قصارى القول إذا كانت الزوجة تشك بزوجها لمجرد (الشك) أي ليست باقية على وده فلتفعل ما بدا لها وعليها توقع التبعات أما إذا كانت توده فيجدر بها تحوير شكوكها (الطاردة) باستمالته وكسبه وأزعم وبشيء من التأكيد أن هذا الأسلوب سيقرب الأزواج لناحية زوجاتهم وبمقتضاه سوف ينأون عن هناتهم ونزواتهم إن وجدت على فرض وجود بصيص من الحياء وشيء من رجاحة التفكير .. عموما سوف أختم بموقف أحسبه لا يقل طرافة، حصل مع أحد الأصدقاء، يقول: زوجتي شكاكة جدا وقد اتصلت بي يوما بينما كنت في السيارة أنصت لبرنامج تقدمه إحدى المذيعات وأثناء الحديث ضحكت المذيعة بغنج سافر الطبيعي والمفترض أن أترك العنان للمذياع يصدح والمذيعة (تلعلع) ريثما يتعالى صوت رجل (أجش) يبدد شكوك زوجتي لكنني وبحماقتي أغلقته وهذا ما جلب علي محاضرة قاسية من زوجتي حين وصولي عن المرأة وسر ضحكاتها الصاخبة! وبعد سجال طويل ومرير كسبت الجولة.. لكنها بالفعل كادت أي المذيعة تشعل فتنة في بيتنا.. لقد قـدر لصديقي أن يفلت وإن بإعجوبة من شكوك زوجته العدمية لكن لنتخيل لو أن نفس الموقف حصل مع المرسل (صاحب الموقف الأول) ماذا عساه أن يفعل ليثبت لزوجته من هي صاحبة الضحكات الأثيرية.

«فشخرة !!» الزوج «1/2»


قبل الزواج كنت شخصا عاديا مغمورا قانعا، لكن في الشهور الأولى من الزواج انتابني إحساس بأنني أقل مكانة من زوجتي ربما لكوني موظفا بسيطا وهي من أسرة ميسورة الحال وتملك جمالا أخاذا، الحقيقة لم تحسسني يوما بالدونية لكن تملكني هاجس بأن يأتي يوم تتجاهلني وتنتقص من قيمتي وربما تتخلى عني ما دفعني لسلوكيات وتصرفات استعذبتها لكونها رفعت قيمتي ومكانتي لدى زوجتي أو هكذا توهمت.. لا أخفيك تكالبت علي الديون من كل حدب وصوب وسلكت طرقا مغلوطة وغير مشروعة في عملي من أجل توفير مزيد من المال فقط لأشعرها بأني شخص وجيه ومرموق وذو شأن، أما عن العلاقات فحدث ولا حرج، فكنت دائما أتباهى وبشيء من الغطرسة بشبكة علاقات مع علية القوم لدرجة أوقعت نفسي في مواقف محرجة جدا لأنها أي زوجتي كانت تطلب مني التوسط لصديقتها أو قريبها بحكم أني (واصل!) فكنت أمام خيارين أحلاهما مر؛ فإما أن استجدي الموظف أو المسؤول صاغرا أو أدفع مبلغا كبيرا للمعقب لإنجاز المعاملة كيفما اتفق.. كنت إذا تصادف وجودنا أنا وزوجتي في الأماكن العامة أو المطاعم وواجهت أي شخص يعرفني وبادر بالسلام قلت لها هذا مسؤول رفيع في الجهة الفلانية بينما هو موظف عادي مثلي أو أقل، لقد عشت دور المسؤول المتنفذ بكل تفاصيله ونسيت أني أجسد (فشخرة) كذابة لا بد أن تنكشف، وفعلا بعد مضي خمس سنوات أنهكتني الديون وملاحقة أصحابها وافتضح تلاعبي في العمل وكدت أفصل من عملي، أما زوجتي فهي الأخرى بدأت تشك في تصرفاتي، فذات مرة توقفنا عند إحدى (البقالات) لشراء غرض ناسيا أني كنت تسلفت منه واستدركت بسرعة وإذا به يترجل صوبي متهكما استطعت الفكاك، ولما سألتني زوجتي ماذا يريد منك.. قلت وبكل تبجح يريد مني (نقل كفالة!) وقس على ذلك الكثير من المواقف المحرجة.. إلى أن جاء اليوم الذي افتضح أمري فقد اتصل بي أحد (الدائنين) سليط اللسان، خاطبني بحنق ومهددا بصوت مسموع فقد كانت زوجتي قريبة مني.. كالعادة (حورت) المكالمة وقلت لها هذا صديقي مسؤول كبير يعاتبني لعدم حضوري لمناسبة كان قد دعاني لها.. شكت زوجتي لأني قفلت الخط قبل أن ينهي مكالمته، اتصل ثانية، وما كان من زوجتي إلا أن خطفت جوالي وردت وإذا به يشتم ويتوعد مطالبا بسداد المبلغ حينها لم يعد أمامي سوى الاعتراف لها بكل ما اقترفته، عاتبتني كثيرا قائلة لماذا فعلت كل ذلك فأنا راضية بوضعك.. ندمت ندما شديدا على ما سببته لنفسي ولأسرتي من ديون وإحراجات كنت في غنى عنها.. أتمنى نشر رسالتي ليتعظ بها غيري فأمثالي (المتفشخرون) كثر..
أشكر المرسل على هذا الطرح القيم، وأتمنى أن يكون فعلا استدرك وتعافى من داء (الفشخرة).. في المقال اللاحق سوف نتحدث عن الأسباب التي تدفع لهذا السلوك فحسب رواية (المرسل) لم تكن الزوجة وراء فشخرته لكن ماذا إذا علمنا أن الكثير من تلك السلوكيات بإيعاز من الزوجة بشكل أو آخر وتداعيات ذلك .. هذا ما سوف نعرفه إلى ذلك الحين نستودع القراء الكرام بأمل المشاركة في طرح الآراء والمقترحات التي بالتأكيد تثري الموضوع بل وتسهم في علاجه.

الأحد، ٨ يناير ٢٠١٢

فلنقلق .. ولكـن ؟!

كثيرا ما يوصف القلق بأنه مرض ونذير سوء لدرجة أننا عندما نسمع أن فلانا قلق يتبادر للذهن بأن شخصيته مضطربة ومعتلة يتملكها اليأس والهواجس السوداوية فأضحينا أو نكاد لا نفرق بين القلق والاكتئاب والوساوس القهرية وغيرها من الأمراض النفسية.. فما يجب أن نعرفه بل ونعمل بمقتضاه أن القلق ليس بمعظمه دليلا على اعتلال الشخصية واضطرابها، بل قد يكون على الضد من ذلك تماما فهو إن صح التعبير رديف للطموح وآلية احترازية في الآن نفسه وهذا بطبيعة الحال مرهون بماهية القلق ودرجته الأمر الذي يجرنا بداهة للتعرف على وجهي القلق (الحميد، المرضي) ليتسنى لنا توسل الحميد وتجنب المرضي.. أي أن الشعور بالتوجس والخوف لجهة أمر ما يشكل اقتفاؤه أو تحقيقه مردودا ماديا أو معنويا هو في حقيقة الأمر قلق صحي وحميد، وفي الإطار ذاته أي تحرز وتدابير وقائية لناحية تجنب ضرر أو ضارة مادية أو معنوية فهو لا ريب قلق صحي وحميد أيضا وحتى لا يلتبس الأمر فإنه ينبغي علينا التيقن بأن تلك التوجسات والاحترازات (المقلقة) تدخل ضمن السياق العام المتعارف عليه ضمنا بمعنى عدم المبالغة دنوا أو علوا حتى لا ندخل في شرنقة القلق المرضي أو ربما نقيضه (التبلد الحسي) من حيث لا ندري، ونقصد بالمبالغة الإمعان بالمخاوف لجهة أمور مألوفة وطبيعية ومرد ذلك عدم توسل التدابير المادية والعملية ونقيضه التقاعس وعدم الاكتراث في أمور مصيرية وربما خطيرة، فقلق الطالب لقرب موعد الاختبارات يعتبر قلقا طبيعيا وصحيا لكن إذا لم يكن مشفوعا بالاستذكار بات قلقا مرضيا.. والزوجة التي تقلق على زوجها لأنه أظهر فتورا لناحية علاقته بها يعقد قلقا حميدا لكن إذا لم تتقصى جوانب التقصير أو الأسباب التي أفضت لفتور زوجها وتاليا التعامل معها بإيجابية لاستعادة ود زوجها أضحى قلقا سلبيا..
ملخص القول: إن القلق الصحي والمفيد هو نتاج أسباب ومتغيرات مبررة تدفع لتحقيق مكاسب ونجاحات مادية أو معنوية، هذا على الصعيد التحفيزي، أما الاحترازي فهو يدفع لتوسل السبل للوقاية من إخفاقات أو أضرار.. نخلص مما تقدم: إن القلق (الصحي) مطلب أساسي في شتى مناحي الحياة من المفيد بل من الضروري استثماره وتوظيفه لتفعيل قدراتنا، لكن علينا أن نتذكر أضراره وخطورته في حال المبالغة به أو نزعه.

زوجة «بريال !!»

نحن من أسرة ميسورة جدا كلنا بنات وعددنا خمس، وهذا ما جعل والدنا يتوجس خيفة أن يفوت قطار زواجنا سريعا. فكان هاجسه الأكبر 
(العنوسة)، ومن فرط قلقه أعلن صراحة لجماعتنا والمقربين لدينا بأن مهرنا ريال واحد فقط.. على أن يتكفل والدي بكافة مستلزمات الزواج. المهم أن يفتح المجال لأكبر عدد وبأسرع وقت للتقدم لخطبتنا، فكان له ذلك فخلال يومين فقط من إعلان قيمة المهر المغري تقدم لأختي الكبرى ثلاثة شباب، وافق والدي على أحدهم مبدئيا، وبعد السؤال عنه تبين أنه جدير بالزواج، وبالفعل تم الزواج واستبشرنا خيرا وأيقنا أن رخص المهر هو الدافع الأكبر لتهافت الشباب على الزواج. وخصوصا محدودي الدخل.. فوجئنا بعد أقل من أسبوع بعودة أختنا يملؤها الحزن والخيبة، حاولنا أنا وأخواتي التعرف على سبب بؤسها فلم نفلح إذ كانت تلوذ بصمت مطبق، وبعد ساعة تقريبا إذا بها تنفجر بكاء وتردد بحرقة والدي أرخصني، العنوسة أرحم من أن أهان وأذل من رجل أصلا لا يستحق أن أكون زوجة له، سألناها بصوت واحد ماذا حصل؟ بعد تنهيدة مشبعة بالانكسار والهوان قالت: كان يعاملني بدونية واستخفاف لا لخطأ أو تقصير بدر مني، فقط لأني رخيصة (تقصد قياسا على مهرها). لأنه من فئة الذين يثمنون الأشخاص وفق التسعيرة أي كلما زاد مهر البنت زاد تقديرها واحترامها بل التشبث بها ربما ووالدنا سامحه الله أرخص قيمتنا من حيث لا يدري وعن غير قصد. 
حاولنا التخفيف عنها وإخراجها من محنتها بأنه أي زوجها ربما يحس بخطئه وسوء تصرفه لكنها رفضت الرجوع له مهما كلفها الأمر. المثير للاستغراب أنها تملك جمالا أخاذا وأناقة طاغية، فضلا عن كياسة خلقها، ومع ذلك فرط بها وبالفعل يبدو أن الإشكالية في المهر. أخبرنا الوالد وغضب غضبا شديدا وتملكه شعور عارم بالذنب كونه زوجها لشخص فسر رخص المهر على أنه نقيصة (وبوار) وليس رغبة حانية من أب يود التسريع بزواج بناته والاطمئنان عليهن. المهم مكثت أختنا قرابة شهر دون أن يكلف نفسه حتى بالاتصال وهذا ما أكد لنا بما لا يدع مجالا للشك بأنه استرخصها فعلا.. طفح كيل حنق وسخط والدنا فاستدعاه ووبخه على فعلته لكن ودون أن يرف له جفن قال لوالدي وبشيء من الغطرسة.. ما المطلوب ؟ وعاجله والدي بعد أن كظم غيظه الطلاق ولا شيء غيره فلم يتردد وطلقها بدم بارد انتهت الرسالة..
بالطبع لست مع غلاء المهور أيا كانت المبررات لكني في الآن نفسه ضد أن يكون المهر بهذا الزهد ليس كرها (معاذ الله) بتيسـير زواج محدودي الدخل بل خوفا وإن شئنا تحرزا من أن يفسر على غير ما ينطوي عليه المقصد.. كنت أتمنى أن تكمل المرسلة بقية القصة أي التداعيات وهل بقي المهر على ما هو (ريال) أم زاد وإذا زاد ما هو مصير التي تطلقت بسبب بخس مهرها؟ عموما موقف الأب وبناته لا يحسدون عليه.. نتمنى أن يلهمهم الله السبيل للخروج من هذا المأزق. بقي أن نقول لا للغلواء في المهور، فبقدر ما ارتفاعها يطرد الشباب وينفرهم من الزواج، بقدر ما المبالغة بالبخس أيضا منفرة إنما لناحية الزوجة هذه المرة والحل يكمن في الاعتدال والوسطية فلا ضرر ولا ضرار.

ابن عمي «حجرني!»

رسالة اليوم تثير رأفة واستعطاف ذوي القلوب الصلدة وتئن لها المشاعر الغليظة حزنا وألما فما بال الأمر بعامة الناس دعك من مرهفي الحس.. 
أختي الكبيرة محيرة (محجورة) بالعامية لابن عمها كانت ترفض بشدة الزواج منه ليس كرها بل باعتباره أخاها، ورغم علم ابن عمها برفضها الزواج منه إلا أنه أصر بمقتضى (صك !) التحيير الضمني ولم يجدِ توسلها لوالدها لفك الحجر من ابن عمها فتزوجت منه كرها وطلقها ولم يمض على زواجها أسبوع وهي الآن تتلظى حزنا وبؤسا منذ خمس سنوات فاشتعل رأسها شيبا وهي لم تزل دون الثلاثين من عمرها. كما داهتمها أمراض (عضوية، نفسية) عديدة يبدو أنني سوف أواجه ذات المصير فأنا أيضا (محجورة) لابن عمي الآخر .. المؤلم إنه يعرف ما جرى لأختي ويعلم أيضا أنني لا أريد الزواج منه لكنه أمعن بإصراره نكاية بي. والدي استدرك (وإن متأخرا) جور وفداحة فعلته مع أختي وقال لي لن أكرر الخطأ فلن أجبرك على الزواج منه، توقعت حينها أنني تحررت مـن سجن (التحيير) المقيت لكن صعقت عندما عاجلني قائلا: لكنك ستبقين محيرة ! وفعلا تزوج ابن عمي من أخرى وأنا لازلت معلقة أستجدي فك تحييري.. أطالب من هذا المنبر إيجاد حل سريع لهذه الظاهرة المسكوت عنها.. والتي راح ضحيتها بنات يافعات، انتهت الرسالة. 
أي جور هذا الذي يسلب البنت حق تقرير مصيرها وأي ظلم وتنكيل الذي يتعاضد الأب مع ابن أخيه على سلب إنسانية وإرادة ابنته وزجها رهينة جبروت ابن عمها يتزوجها كرها وتنكيلا أو يتركها معلقة لمصير مظلم وأي قسوة التي تجعل الأب يتبلد حسيا أمام دموع وتوسلات بناته لمجرد أن يعتقهن من صولجان التحيير المرير ؟ وأي دناءة تجعل الرجل يصر على الزواج من ابنة عمه وهو يعلم سلفا أنها لا تريده ؟. السؤال الأكبر هو: أين نحن من هذا كله فهل يعقل أن نرى بنات مجتمعنا بهذه التعاسة والهوان دون أن نحرك ساكنا لقد ملأنا الدنيا ضجيجا عن العضل وتعليق المطلقات وتعنيف الزوجة وغيرها وتغافلنا عن ما هو أشد تعنيفا ومهانة، متى نتحرر من هكذا عادات وأعراف تنكر على المرأة إنسانيتها وتجردها من أبسط حقوقها وهو حق تقرير مصيرها.
أتمنى من كل قلبي على كل أب يقرأ هذه الرسالة أو يسمع بها أن يسرع لعتق وتحرير بناته بل ابتداء انعتاقه هو إن جاز القول. وفي السياق أناشد كل رجل رهن نفسه أو ارتهن رغما عنه بهذا العرف المجحف أن يستدرك خطورة هذا السلوك وتداعياته فابنة العم لا تقل منزلة عن الأخت وأزعم أن أي مسلم عاقل لا يرضى بهذا المصير غير الإنساني لأي بنت فما بالنا بابنة العم وفي الإطار قد يكون من المناسب التذكير أنه ثبت طبيا أن أغلب الأمراض الوراثية وتشوهات الأجنة نتيجة زواج الأقارب وخصوصا أبناء العمومة..
وفي الختام مفارقة كبرى.. فقد نما لعلمي قبل الشروع بالكتابة أن بعض الآباء (يحجر) ابنته لابن عمها رغم أنه قد يكون مدمنا أو مريضا وربما معتوها وعليها الاختيار إما الارتماء في أحضان ذلك المدمن أو المعتوه أو البقاء إلى حيث المجهول، يا له من اختيار محير فعلا. نسأل الله العافية وحسن التدبير. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

وحدة المملكة ربيعها الدائم

إذا أردت التعرف على ثبات المجتمع واستقراره فابحث عن مدى توحده .. وبمقتضى هذه الدلالة يعد مجتمعنا السعودي أكثر ثباتاً واستقراراً . فمنذ تأسيس المملكة على يد المؤسس الباني الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - والمجتمع السعودي يرفل بنعمة الأمن والاستقرار تحت راية التوحيد الذي اتخذته المملكة بقادتها الميامين منهاجاً لم يزل يرفرف وسيظل خفاقاً بمشيئة الله على امتداد تعاقب أبنائه البررة.
وهذا دليل لا يقبل الجدل على حسن طوية قادتنا وسمو نهجهم القويم .. إن ما حصل في (العوامية) من شغب وإطلاق أعيرة نارية على مركز للشرطة وما أعقبه من اشتباكات ما هي إلا محاولات قاصرة ودنيئة من البعض الهدف منها تعكير الوحدة الوطنية والتي يبدو أن اختراقها بات هدف ومطمع المغرر بهم بوصفهم مواطنين.
وأقول (مغرر) بهم لأنهم استخدموا كأداة للعبث بمجتمعهم.. وأقول لهؤلاء وغيرهم ممن ارتضوا أن يكونوا معاول هدم وتفكيك مجتمعهم استدركوا وتراجعوا عن ما أنتم فيه من غي وضلال.. فالوحدة الوطنية مكسب لكل مواطن مهما تعددت طوائف المجتمع .. فاختلاف المذاهب يجب ألا يكون على حساب الوحدة الوطنية فبإطارها تتعدد الأطياف وتتناسل التوجهات والرؤى والحوارات فيما يزيد من تماسك المجتمع وترابطه وهذا ما ينبغي أن نسعى له جميعاً ونعمل بمقتضاه. وأقول للذين أبوا إلا أن يكونوا بؤرة فرقة وشقاق لن تفوزوا بما تسعون له من فتن لن تزيد مجتمعنا إلا تماسكاً وقوة، لأن ما ننعم به من وحدة متجذرة قوامها تلاحم الشعب مع قيادته. ونحسب أن ذلك هو ربيع المملكة الدائم .. ربيع لطالما تحسدنا عليه الكثير من المجتمعات التي ما انفكت تحارب وتفقد الكثير من أبنائها ومقدرات أوطانها لتحقيقه.
يبقى أن نقول ليس أجل من التضرع للمولى عز وجل أن يديم علينا نعمة الاستقرار وربيعاً دائماً تحت مظلة وحدتنا الوطنية برعاية والدنا القائد الملهم خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – وأعانه وسدد خطاه. 

قيادة المرأة .. أبعادها وضوابطها

خبر استيقاف منال الشريف التي قادت سيارتها للمرة الثانية في المنطقة الشرقية وما عقـبها (حتى تحرير هذه السطور) من توقيف أخرى في مدينة الرس ينكأ من جديد قضية شائكة طالما راوحت أو لنقل تأرجحت بين الرفض (بالمطلق) والتأييد أيضا (بالمطلق) آثرت وضعها (المطلق) بين هلالين لأنها العثرة الأكبر في فك هذه العقدة الكأداء إذ من غير الممكن حتى لا نقول من المستحيل حل أي قضية مهما كانت بسيطة يتنازعها فريقان كل منهما يكابد لكسبها بالمجمل فما بال الأمر بقضية كهذه .. فالمحصلة الطبيعية مزيد من السجالات والمقارعات والمناكفات دونما طائل المؤرق حقا أن قضية من هذا النوع يتقاسمها النزاع والجدل دائما ما تكون (نشطة) تطل برأسها حيثما سنحت الفرصة بل قل تتحين الفرص للظهور مجددا ما العمل هل نتركها للزمن بوصفه كفيلا بحلها؟ لا أعتقد أن ذاك حل وجيه بل هو السلبية عينها ولو كان الزمن ترياقا شافيا لطببتها السنوات فهي قضية مضى عليها عقود دون أن تهدأ ولن تخبو دون حل يزيل الاحتقان بين الطرفين المتنازعين ولن يتحقق ذلك إلا بالتخلي وإن شئت التنازل عن الحل (المطلق) إلى ذلك نستطيع التفكير والرؤية بموضوعية وبمعزل بادئ ذي بدء عن التسيد بفرض الرأي وإقصاء الرأي الآخر .. فتصبح القضية والحالة تلك مطلبا شخصيا أكثر منه مجتمعيا .. نفعيا لا ذرائعيا .. اختياريا لا فرضيا .. وضرورة لا ترفا بمجمل هذه الأبعاد بمقدورنا صياغة تدابير وإجراءات من شأنها تلبية حاجات بعض الأسر لقيادة المرأة دون غضاضة تطال الممانعين لهذا المنحى أو هكذا يفترض وبكلمة أوضح إخضاع قيادة المرأة لضوابط ومسوغات (براغماتية) من شأنها مراعاة من هي في مسيس الحاجة للقيادة كالمرأة التي لا عائل لها بغض النظر ان كانت موظفة أو ربة منزل لتمكينها من قضاء لوازمها وحوائج أبنائها كي لا تضطر للسائق أو اللجوء لأقارب قد لا يكونون في حكم المحارم .. أما بالنسبة للبيت الذي به أكثر من امرأة يسمح بالقيادة لواحدة فقط شريطة ألا يكون لديهم سائق ويشترط عدم استقدامه فالقضية كما أشرنا للضرورة فمن غير المنطقي ولا من رجاحة التفكير أن يسمح بقيادة المرأة جنبا إلى جنب وجود السائق حتى لا نسهم من حيث ندري أو لا ندري بتفاقم الأزمة المرورية التي هي أصلا متفاقمة.. رب قائلة أو قائل ماذا عن بقية النساء ؟ أكرر: إن هذه قضية مزمنة وشائكة لا تقبل الحلول الجذرية (العاجلة) والشاملة فلا بد من تفتيتها ومرحلتها أي التعامل معها بجزئية وبالتدرج فلنبدأ بالأولويات وبمقتضى التجليات المتمخضة يستسهل استبصار واستشراف مآل القضية وتاليا التحكم بمفاعيلها وتوسيع رقعتها المهم أن تكون هناك خطوات على هذه الجادة فلا مجال للقفز عليها ولا جدوى من ترحيلها قبل أن أختم استحضر سياق السؤال التقليدي (العدمي) هل ستسمح لزوجتك أو أختك أو ابنتك أن تقود السيارة ؟ لن يفيد الجواب أكان بالإيجاب أو النفي المهم ألا نصادر إرادة الآخرين وحقهم في تقرير مصيرهم على قاعدة حاجاتهم وظروفهم فالقضية نسبية فما لا تحتاجه قد يحتاجه غيرك ربما بشكل ملح وعاجل وما تراه أنت ترفا فهو بالنسبة لغيرك ضرورة لا محيد عنها أما عن الذين يتذرعون بأن قيادة المرأة تفتح باب التحرشات أقول لهم كفوا عن تلك الأقاويل والذرائع الاستباقية التي تشوه مجتمعنا بأنه مجتمع ترتع به ذئاب بشرية مسعورة تترقب اللهاث وراء كل امرأة تقود سيارتها! السؤال أين هذه الذئاب من النساء وهن يترجلن بمحاذاتهم بالأسواق وبين ردهات المستشفيات ؟ أليس من الأيسر (افتراسهن) عوضا عن كونهن متخندقات بمركباتهن!.
عموما لست في وارد نفي وجود تلك الذئاب فنحن لسنا مجتمعا ملائكيا لكن هل من المفيد تكريس شوكتهم وسقيها بتوسلهم (كفزاعة) ضاغطة باعترافنا ضمنا بأنهم قادرون على مناهضتنا وتحييد فكرنا لا بل والتحكم في بوصلة توجهنا!
أوليس الأجدر تسفيههم وتتفيههم مضيا لاقتلاع شوكتهم.. غاية المقصد فلنبادر في حل هذه القضية وفق المحددات والأطر أعلاه، المهم ألا نراهن على الزمن لحلها والأهم عدم الارتهان أو الانسياق وراء تكهنات وهواجس وفزاعات تعيق أو تحول دون درء ما هو أكثر إساءة وضررا.

مقص الكاتب

ثمة كتاب كي لا أقول أكثرهم يستاؤون من (مقص) الرقيب بالمطلق بوصفه حسب اعتقادهم الأداة التي تعبث بمضمون وفكرة المقال فيخرج منزوع الدسم فاقد القيمة.. 
حقيقة الأمر لا يمكن تجاهل هذه الرؤية بل وأضيف ودون أدنى مبالغة أن بعض الكتاب يستنكر مقاله وكأنه لكاتب آخر جراء عبث المقص طولا وعرضا سواء بالحذف أو الإضافة وربما الاثنان معا، لكن هذا الإجراء يجب ألا ينسينا أو يجعلنا ننكر أو نتجاهل أهمية مقص الرقيب، إذ ليس من المنطقي ولا من المعقول تمرير المقال أو المادة الصحفية دون مراجعتها بل ويطالها المقص إذا لزم الأمر مهما كان اسم الكاتب وجماهيريته وهذا يجرنا للقول إنه من الخطأ مجرد الاعتقاد بأن المقص يقلل من قيمة الكاتب أو منزلته ولعلكم تشاطرونني الزعم بأن ليس ثمة كاتب لم يأت المقص على كتاباته، ولا غضاضة مهنية أو شخصيه تطاله إلى ذلك لا بد من التذكير بأن المقص في كثير من الأحيان يعمل على ترشيد كتابات بعض الكتاب وتنقيحها وربما ساهم بشكل أو آخر بنجاحهم وبزوغ نجمهم كما تجدر الإشارة في هذا الوارد بأن هناك كتابا موهوبين لكن ينقصهم التوجيه والجادة الممهدة التي ينطلقون منها والمقص يعمل على هذا المنحى في كثير من الأحايين، واستطرادا قد يكون من المفيد القول إن بعض الكـتـاب في غضون انهماكهم وحماستهم في كتابة المقال ينساق قلمه بمقتضى انفعالاته وربما عاطفته فتأتي بعض المفردات والعبارات غير مقنعة أو قل غير ذات معنى إن جاز القول أي فيها ما فيها من المبالغة والغلو إن بالقدح أو المديح والتبجيل وهذا بطبيعة الحال يؤثر على سياق المقال ومضمونه فيخرج بشكل غير موضوعي وبكلمة أخرى تتوه الفكرة المراد طرحها ومعالجتها الأمر الذي قد ينعكس سلبا على الكاتب.
من هنا يعتبر تدخل المقص ضروري لا بل مطلب أساسي ليس للكاتب وحسب بل للقراء والصحيفة على حد سواء..
ما تقدم لا يعني ويجب ألا يعني تجاهل الكاتب وتشذيب مقالاته دون علمه، فهذا أبعد ما يكون عـن المهنية الصحافية وأدبياتها، إذ يتوجب بادئ ذي بدء إشعار الكاتب في حال تعديل وتقويم (حذف، إضافة) المقال ونحسب ذلك من أبسط أبجديات حقوق الكاتب وله الخيار إما أن يقبل نشر المقال بعد تمريره على المقص أو الرفض أي عدم إجازته للنشر. من هنا تتحقق موضوعية المقص بوصفه آلية مهنية لتصويب وتقويم ما ينشر ليس إلا.

لأني قوية شخصية .. تطلقت!!

باختصار شديد أنا مديرة مدرسة «ثانوية» ناجحة جداً بشهادة الجميع.. وبشهادة الجميع أيضا قوية شخصية حازمة لا أرضى بالتهاون واللامبالاة، لكن يبدو أن قوة شخصيتي الطاغية أفضت لفشلي الذريع في حياتي الزوجية، فقد تطلقت ثلاث مرات.. تمنيت وأقولها بكل ألم ومرارة لو كنت ضعيفة شخصية، لربما استطعت أن أنجح بزواجي الأول بدلا من سلسلة الطلاقات.. وقدري بأن يكون نجاحي في حياتي العملية وقوة شخصيتي على حساب حياتي الزوجية.. أصارحك القول بت أحسد زميلاتي «ضعيفات الشخصية» بوصفهن نجحن في حياتهن الزوجية.. محزن حقاً أن الرجال في مجتمعنا لا يروق لهم إلا المرأة الضعيفة المنصاعة والمنكسرة.. هذه فحوى الرسالة.
بداية أشكر الأستاذة الناجحة جداً في عملها ولن أقول الفاشلة في حياتها الزوجية لأنه لا يزال هناك فسحة أمل إن هي استدركت.. أشكرها على شجاعتها وتفانيها، والدليل رسالتها التي آثرت بأن تكون عبرة لغيرها.. كان بالإمكان «ولم يزل» استلهام نجاحها في عملها وقوة شخصيتها ليصير امتداداً وتتويجاً لنجاحها في حياتها الزوجية، لكن يبدو وهذا ما يستوجب تداركه وتصويبه، بأن مفهومها لقوة الشخصية أو «المرأة الرجلة» إن صح القول ملتبس كي لا أقول على النقيض واقع الحال لا أدري من أوحى لها وهي المرأة المتعلمة بأن قوة شخصية المرأة تفضي للفشل؟ ووفق أي معيار زعمت وهي الإدارية الماهرة بأن زميلاتها «ضعيفات شخصية» بدليل نجاحهن أسرياً؟ لا ريب أن أكبر خطأ وقعت فيه «المديرة» وعلى شاكلتها الكثير أن «طاعة الزوج» انصياع وضعف وعكسه التمرد والممانعة واستطراداً «الزعيق» ورفع العقيرة من تجليات قوة الشخصية وأهم ملامحها.. وحتى لا تتوه الفكرة نؤكد بأن من أهم دلالات وسمات قوة الشخصية طاعة الزوج بالمفهوم الودي الخلاق وليس الخنوع حسب عرفهن واعتقادهن.. فالطاعة هنا الامتثال لكل ما هو مشروع وبديهي، أما الانصياع والإذعان فعلى عواهنه وبمقتضى هذا المفهوم لا نرى غضاضة أو انتقاصا تطال شخصية المرأة إن هي استجابت لطلبات زوجها.. الإشكالية ها هنا تكمن بأن بعض الزوجات وتحديداً القياديات في العمل يفسرن ذلك على أنه من ضروب الأوامر الملزمة وربما التعسفية بوصفهن لم يعتدن أو قل لا يحبذن -إن شئنا الدقة- تلقى الأوامر، بل هن يأمرن فقط هذا الخلط أو الازدواجية بين العمل والبيت يجعلهن غير قادرات على الاستجابة والتعامل الصحي مع معطيات سلوك الزوج فيتعين عليهن الفصل بمعنى نزع «جلباب» العمل لمجرد دخول البيت وهذا لن يقلل من قوة الشخصية بل مؤشر على القوة بمفهومها الحقيقي وبالتلازم، أي في الآن نفسه عليها ارتداء الجلباب المنزلي، وبكلمات أوضح القيام بجميع أمور منزلها ورعاية أبنائها فإنجاز المستلزمات المنزلية المنوطة بها على أكمل وجه ملمح من قوة الشخصية على عكس الإهمال والتقاعس اللذين يعدان من بوادر الفشل، وكما يعلم الجميـع بأن الفشـل وقـوة الشخصية نقيضان لا يلتقيان.. قوة الشخصية يا أخواتي الفضليات تتجلى أكثر ما تتجلى بالرزانة وعدم «الثرثرة» العدمية، أي حفظ كرامة الزوج بغيابه وحضوره وعدم البوح بأسراره أو نقائصه وعيوبه والتعاطي معهما داخل إطار المنزل.
قوة الشخصية في توفير وتهيئة أجواء الراحة للزوج «على افتراض أن يبادلها ذات الشعور»، قوة الشخصية هي احترام أقارب الزوج وتوجيبهم لأن احترامهم دليل لا يقبل الجدل على احترام الزوج.. قوة الشخصية في تفهم واستيعاب حوائج ومتطلبات زوجها دون أن يصرح بها «لماحة» وكذا احتوائه ومساندته عند المنغصات والملمات.. قوة الشخصية في إيجاد المناخ الملائم للتحاور مع الزوج، إن لجهة ما يتعلق بعمله أو لناحية أمور المنزل.. هذه من أهم دلائل ومؤشرات قوة شخصية الزوجة بمعناها الحقيقي.. فإذا كانت لديك فأنت حتماً تملكين ميكانيزمات النجاح في حياتك الزوجية، وإذا فشلت فالعيب يكمن بالزوج، لأنه هو ضعيف الشخصية والضعيف الهش كما هو معلوم لا يستطيع مجاراة القوي والتماهي معه، لأنه لا يثمن معطياته كما ينبغي أو إن صح التعبير لا يتفهمها وفق معاييرها القويمة. 
نختم بوصف «أبي حيان التوحيدي» أم المؤمنين «عائشة» رضي الله عنها بأنها «رجلة العرب» لما اتصفت به من صدق الحديث وقوة البأس وأداء الأمانة، وهذا دليل ناصع بأن المرأة القوية «الرجلة بفكرها» طيعة ومخلصة ومتفانية مع زوجها وليس العكس.  

اتحاد الخليج العربي.. لم يعد حلماً

إن أكثر ما يميز القمة الخليجية المنعقدة في الرياض أو لنقل العلامة الفارقة التي تستثنيها عن سابقاتها هي الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله والمتضمنة تدشين كيان واحد (تقفز) فيه دول المجلس من مرحلة التعاون إلى الاتحاد.. كما تلاحظون تعمدت وضع صفة (القفز) بين مزدوجين استعاضة عن التجاوز أو الانتقال بوصفه أي القفز أسرع وأنجع وغالبا ما يأتي كعلاج ناجز وحاسم وعن قناعة تامة بعد طول انتظار وترقب، على عكس التجاوز الذي كثيرا ما تواجهه العثرات وتكتنفه العقبات. رب قائل كيف قرأت الدعوة وبكلمة أخرى ما هي تجليات التفاؤل بتحقق حلم إعلان كيان فيدرالي واحد.. مواطن خليجي واحد بمصالح وتطلعات بل توجسات وهموم مشتركة. بالطبع هذا الاستنتاج أو القراءة (المتفائلة) لم تتأتى عن تخرصات أو توهمات بل على وقع إرهاصات وأصداء ردة فعل جل الخليجيين بمختلف شرائحهم وأطيافهم أو هكذا يفترض الاستقراء العلمي تأسيسا على قاعدة جملة من المتغيرات والأحداث. ما أود التذكير به في هذا الوارد أن أي قرار أو مبادرة إذا ما أريد التعرف على مدى أو درجة تحقيقه لا بد أن تتوافر فيه ركيزتان أساسيتان؛ المصداقية والمقاربة ونعني ها هنا بالمصداقية انه كلما كان صاحب القرار على درجة من الصدق كان القرار اقرب للتطبيق الفعلي. أما المقاربة فالمقصود بها مدى (إلحاح) الحاجة لذلك القرار أو التوجه بمقتضى الظروف المحيطة والحسابات الراهنة. فلنقرأ القرار سويا وبموضوعية وعلى نحو لا يرقى للتأويل أو يشوبه التشكيك وربما التزلف واستطرادا سوء الفهم.. نقول لو صدر هذا القرار من قائد دولة محدودة المقدرات لقيل (من قبل المشككين على الأقل) بأن الهدف هو إشراك الدول الأخرى لفك عجز هذه الدولة وهنا تنتفي أهمية القرار وجدواه وبالنتيجة مصداقيته. وفي الإطار، لو تبنت القرار دولة اقل جاهزية لجهة البنية العسكرية لربما تم تأويله أو قل تحويره على أنه لغرض (الاستقواء) بالدول الأخرى. أما أن يأتي القرار من السعودية التي حباها الله بوافر من الثروات وذات عمق استراتيجي وثقل سياسي ليس على صعيد دول الخليج وحسب بل على المستوى الإقليمي والعالمي.. وممن؟ من قائد ملهم يقر بصدقه وصراحته وحكمته الأعداء قبل الأصدقاء، هذا عن المصداقية الركيزة الأولى وإن شئت النصف الأول من مقومات الدفع بتطبيق القرار. أما الركيزة الثانية وهي مقاربة القرار فالمقصود الوضع الجيوسياسي لدول الخليج، فكما هو معلوم الأحداث المحيطة والمتغيرات العاتية المتسارعة تمور بنا ونمور بفلكها فالتحديات والأطماع بل والتهديدات لم تعد مقصورة وجلية على دولة أو نظام (إيران) حصرا فثمة دول ذات خطورة كامنة قد تنشط وتهدد دول الخليج فتفشي الحركات المسلمة أو (المتلحفة تذرعا) بوشاح الاسلمة إن صح التعبير في ليبيا وغيرها يشكل خطرا على المنطقة، فما نسمعه ونقرأه من خطابات هنا وهناك ضد الخليج بعضها قوى وصلت لسدة الحكم وبعضها قاب قوسين أو أدنى.. كل ذلك وغيره يستدعي أكثر ما يستدعي وبشكل عاجل تلاحم مواطني دول الخليج لناحية قادتهم، وبالتوازي وفي الآن نفسه تلاحم وإتحاد دول الخليج.. بقي أن نقول كل الدلائل والتجليات بل المسوغات (تصرح) بأن الاتحاد قريب لم يعد مجرد أمنية أو حلم بل ضرورة حتمية لا محيد عنها، فخيوط التلاحم والاتحاد مكتملة متوافقة ومتسقة ولم يتبق سوى نسجها.